الحدود للأطفال وفوائدها في تعليم الالتزام:
قد يبدر إلى ذهنك أن الحدود لدى الأطفال هي شيء سيء يحرمهم من الأشياء والمواقف التي يسعدون فيها، لكن الفكرة خاطئة. منذ ملايين السنين، كان الإنسان الحجري ينام على باب الكهف لحماية عائلته من الحيوانات المفترسة، ويضع الأب حدودًا للطفل لكي لا يتعداها. عدم وجود الحدود التي تمنع الطفل من الولوج في الغابات يجعله فريسة سهلة للحيوانات. لذلك، الحدود التي وضعها للطفل ليست تعنيفًا أو حجزًا لحريته، بل حمايته.
لنعود للحاضر الذي، رغم اختلاف المخاوف، فإنه يشكل خطرًا عليه. في التربية - سواء في المدرسة أو من الأهل - في العصر الحديث لا توضع الحدود على باب الكهف بل تُزرع في الطفل ليتجنب الحدود التي قد تعرضه لأخطار جسدية ونفسية. كوضع حد للطفل من التعدي على الآخرين وإلحاق الأذى بهم، أو وضع حد يمنعه من اللعب بالأدوات الحادة.
إذًا، الحدود وُجدت لحماية الطفل من عواقب تحوي الحدود وهي أسلوب تربوي يسعى لوضع هذه الحدود لتجنب الأذى سواء له أو لغيره.
أولاً: تعريف الحدود:
قواعد وإرشادات غالبًا يرسمها الآباء والمربون للحفاظ على سلامة الطفل من الأذى النفسي والجسدي. ولا ننسى الرجل البدائي الذي رسم خطًا أمام الكوخ ليعلم أطفاله قبل ذهابه إلى رحلة الصيد بألا يعبروا هذا الخط وإلا أصبحوا وجبة. اختلفت المخاطر والمخاوف باختلاف العصور وأصبحت الحدود تمنع الطفل من أن يكون مؤذيًا. وذلك يمكنه من الاندماج في المجتمع دون أن تصدر تصرفاته ما ينفر الجميع من حوله. وأيضًا تحميه هذه الحدود من الأذى الذي قد يسببه لنفسه ولغيره. وكذلك الأمر بالنسبة للمحيط فإنهم يلتزمون بحدود تمنع الأذى لهذا الطفل.
ثانيًا: فوائد صنع الحدود:
الشعور بالأمان: السير في حقل من الألغام دون معرفة مكانها أمر مؤذٍ ومخيف، أما إذا كانت هناك حدود تحذرك من تخطيها لتلافي الألغام فهي حدود تحميك. طفلنا العزيز سيشعر بالأمان حين يدرك الحدود التي تحميه وتمنعه من الضرر بنفسه وبمحيطه من الأقران، فيشعر بجو من الأمان والسلام حيث يتعرف على الأشياء المنبوذة والأشياء المحببة ويتصرف على هذا الأساس ليشعر بالأمان.
تعزيز الشعور بالمسؤولية: حين يعتاد الطفل الالتزام بالحدود فهذا ينمي شعوره بالمسؤولية. دائمًا ما يبدر لذهن السامع بفكرة وضع حدود للطفل أنه يحرمه، لكن الحقيقة هي حمايته وتقويتها، وينمي شعوره بالمسؤولية تجاه ما يفعل وهو ضمير حي يجنبه ردات الفعل على تصرفاته مما يجعله يفكر مليًا قبل القيام بشيء ما واضعًا في الحسبان ما قد تؤدي إليه تصرفاته.
مهارة حل المشكلات: الحدود تساعد الطفل على:
حل المشكلات.
التفكير النقدي.
حين يواجه الطفل مشكلة ما يلجأ إلى التفكير النقدي لحل المشكلة بعد استبعاد الحلول غير المجدية واختيار الحلول المناسبة لحل المشكلة.
الاستقلالية: الحدود تعزز الاستقلالية. كيف؟ وإن كانت الحدود ظاهرة تعني العكس! لا تعني العكس لأن الحدود الواضحة والمفهومة تحقق الاستقلالية وتمكن الطفل بثقة لأنه بعد معرفة حدوده وحدود الآخرين فإنه سيجول داخل هذه الحدود التي تحميه فيتحرك براحة وثقة لا يتملكه الخوف بل يشعر بالقوة والثقة بنفسه، ومن المعروف أن الثقة بالنفس تنمي لدى الطفل اتخاذ القرارات.
التواصل: من الخطأ وضع حدود للطفل دون مناقشته بغاية هذه الحدود وفوائدها حتى لا يرفضها. لذلك نقصد بعنوان التواصل الحديث مع الطفل من قبل الآباء وشرح سبب وضع الحدود وفوائدها. وللعلم كلمة "وضع حدود" تملك نبرة قاسية، فعلينا تقديم مصطلح لكلمة حدود بغلاف نفسي يتقبله التلميذ.
الانضباط الذاتي: مع احترام الطفل للحدود وتقبلها رغم أنه بفضول يدفعه لمحاولة معرفة هذه الحدود لكنه بدل ذلك يكون قد وصل إلى ضبط نفسه ذاتيًا وتزرع فيه صفات الصبر وإلقاء كل شيء خلفه كالرغبات والنزوات - الإشباع مؤجلاً لها فيما بعد والسعي وراء أهداف أجمل وأكثر جاذبية ووضع حدود أكثر وضوحًا.
الوضوح والاتساق: هذه الحدود يجب أن تكون خالية من الغموض ومفهومة وتطبيقها بشكل واضح ومتسق قريبًا من وعي الطفل ليلتزم بها.
التفسير والتعليم: يجب أن تكون الحدود واضحة ومفهومة ليسير عليها الطفل بعيدًا عن التكلف.
المرونة إن لزمت الحاجة: المرونة في الحدود ضرورية بعض الأحيان لتلائم نمو الطفل وقد تتغير فالحدود الأولية قد تتلاشى بسبب نمو وعي الطفل ونموه فتموت بعض الحدود لتولد حدود جديدة لأن حاجات الطفل متغيرة وفي تطور مستمر.
التشجيع والمكافأة: يعزز التزام الطفل بالحدود فلو وجد الطفل ما يفيده وأردنا استمراره على هذا التقيد علينا تعزيزه ووعده بهدية ليستمر بتقيده.
النموذج الإيجابي في القدوة: أكبر دور يعود للأبوين أن يكونوا نموذجًا إيجابيًا حتى ولو كانت هذه الحدود لا حاجة لها بالنسبة لك فعليك احترامها أمامهم على الأقل فهو لا يميز في هذه الفترة بين حدود الكبار وحدود الصغار.
خاتمة:
كما ذكرنا أن الحدود ليست لسجن الطفل بل عملية تسليح له بأساليب تربوية حديثة وعملية انتقاء حدود تناسب عمر الطفل ولا يجوز تصعيب الحدود بشكل مخيف للطفل أو بشكل معقد لا يفهمه إنما لكل مرحلة عمرية حدود تناسبها وهذا التناسب يمنع وجود حدود لا يفهمها الطفل وأيضًا بساطة الحدود في مراحل الطفولة تسمح له باستيعابها كصناعة الإنسان هي الأكثر تعقيدًا.
نحن نحترم سياسة الخصوصية لمستخدمي موقعنا الإلكتروني، لذلك لا ننشر أي معلومات حول أصحاب التعليقات مع أية أطراف خارجية، ولا نبيع معلومات زوارنا الكرام حفاظا على حقوقهم المدنية والخاصة إيماناً منا بمبدأ خصوصية المستخدمين أولويتنا الحفاظ عليها.