📁 آخر الأخبار

تأثر المراهقين بالمشاهير

تأثّر المراهق بالمشاهير: 

 هوية أم تقليد؟



المقدمة


في مقابلة للفنان المصري محمد رمضان عن مسلسل "الأسطورة"، الذي عُرض في عام 2016، أحدث المسلسل موجة كبيرة من الجدل بسبب تقليد الجرائم التي ظهرت فيه. فعندما تم القبض على نساء يَقُمنَ بتجارة المخدرات وسُئلن عن السبب، قلن: "رأينا النساء يُشاركنَ في بيع المخدرات في مسلسل الدسوقي"، الذي تضمن شخصيات نسائية تقوم بتجارة المخدرات. لم يتوقف الأمر هنا؛ فبعض الشباب قلدوا شخصية ناصر الدسوقي في مسلسل "الأسطورة" من خلال تسريحة الشعر، وطريقة الحديث، والمشي، والسلوكيات العنيفة مثل الشجار في الشوارع، واستخدام الأسلحة البيضاء، وحتى فرض السيطرة على مناطق معينة. كما أفادت تقارير بأن بعض الأشخاص، بمن فيهم نساء، قلدوا فكرة الانخراط في تجارة المخدرات وتهريبها، مستلهمين ذلك من شخصيات المسلسل التي أظهرت هذا النشاط كسبيل للثراء السريع أو القوة. كل هذا صرح به الجناة في تقارير صحفية أشارت إلى أن أجهزة الأمن استمعت لأشخاص ارتكبوا جرائم، واعترف بعضهم بأنهم استلهموا أفكارهم أو طريقة تنفيذهم للجريمة من مسلسل "الأسطورة". لقد كان مسلسل "الأسطورة" من أكثر المسلسلات التي أُثير حولها الجدل السلبي، حتى أن محمد رمضان نفسه ندم على أدائه فيه وتأثيره السلبي في تشجيع تقليد الجرائم في الواقع.

تُعتبر فترة المراهقة من الفترات التي يتم فيها تحديد الهوية. وبما أن المراهق شديد التأثر بغيره، تُعتبر الشخصيات المشهورة مصدر إلهام للمراهقين لتقليدهم في العديد من الجوانب.


 فهل فعلاً أنا أنا؟

أم أني أقلد شخصاً آخر من المشاهير؟


تأثير المراهق بالمشاهير هو ظاهرة اجتماعية ونفسية تشير إلى المدى الذي يتأثر به المراهقون بسلوكيات، آراء، أنماط حياة، ومظاهر المشاهير.

المشكلة

أليست الظواهر المذكورة في الأعلى هي المشكلة نفسها؟ أليس التأثير القوي لهؤلاء المشاهير في المراهقين، في الفترة التي يجب أن يحددوا فيها هويتهم الشخصية، يهدد وضوح هويتهم ويُسبب ضياعها؟ فهل يدرك المراهق أو يعي بأنه نسخة مقلدة عن أحد المشاهير؟

نحن لا نقول بأن التأثر العفوي بالشخصيات المشهورة والإعجاب بها هو انحراف عن مسيرته لتحديد هويته الشخصية، إنما هناك سلوكيات في فترة المراهقة تُعد "رمادية"، حيث تختلط الخطوط الفاصلة ما بين هوية المراهق الشخصية والتقليد غير الواعي للمشاهير الذين يحتذي بهم.

فالتأثر بالمشاهير ينتقل من مرحلة الإعجاب البريء العفوي إلى مرحلة الهوس المرضي. وغالباً ما تُظهر الشخصيات المشهورة، كالمغنين والرياضيين والممثلين، شخصيات كمالية لها صفات ليس من السهل أن يمتلكها المراهق. قد يقع المراهق في حالة من الاكتئاب والقلق بسبب عدم قدرته على القيام بالأشياء أو الظهور بشكل يشابه أحد المشاهير الذي تأثر به إلى حد الهوس.

يبدأ التقليد بتسريحة الشعر ثم اللباس، ثم ينتقل إلى ارتداء الأقراط في الأذن، وصولاً إلى التخلي عن المبادئ والأفكار وتبني أفكار لمجرد أنها قناعات أحد المشاهير الذي يُعجب بهم. هذا ما يجعل المراهق يتجرد من أصوله ومن عاداته وأعرافه. وطالما تحدثنا عن تأثير القدوة الحسنة على المراهق، لكننا هنا نفلت الخيوط ونفقد السيطرة. المراهق ليس لديه الوعي الكامل للتمييز ما بين السلوكيات الجيدة التي يُحبذ الاحتذاء بها وما بين السلوكيات السيئة، فقد يجعلها أسلوب حياته أو يترك المدرسة ليَتَّجه إلى مجال آخر يشبه مجال بطل القصة.

الخيبة يا عزيزي المراهق هي أن درجة تأثرك بأحد المشاهير هو شعور ذاتي نابع عنك أنت فقط. وحين تترجم هذا الشعور بتقليد ملموس، مثل تسريحة شعر غريبة، لن يُعجب هذا الناس لأنهم ليس لديهم نفس درجة التأثر بهذه الشخصية، أو ربما لم يسمعوا بها من قبل. فأنت عُرضة هنا للانتقادات السلبية، والسخرية، والتنمر.

قد نجد فتاة تقضي ليالٍ طوال وهي تبكي فقط لأنها لا تمتلك نفس الجسد الممشوق الذي لدى الفنانة المشهورة التي تُعجب بها وتحاول تقليدها. فالموضوع ليس مزحة وإنما يحتاج إلى درجة من الوعي. وهذا إن دل فهو يدل على مدى تأثر المراهق بوسائل الإعلام وتأثر هويته الشخصية بظاهرة تقليد المشاهير، فيضيع بين




 (من أنا ؟أحد المشاهير، أم أنا أنا؟".


أسباب المشكلة

 1 -من أنا؟

   المراهقة هي رحلة بحث المراهق عن شخصيته ومن يكون. ففي فترة المراهقة، يفكر المراهق بمن هو، وكيف يكون، وكيف سيكون. ما هي المبادئ والأفكار التي سيتبناها؟ وما هو الشكل الذي سوف يظهر به ويتميز به عن غيره؟ هنا تُقدم الشخصيات المشهورة "تركيبة جاهزة"؛ فقط على المراهق أن يقوم بتقليدها وتبنيها، من أن يُعجب بها بالتدريج من الإعجاب العادي إلى الهوس. ويعتقد أن هذه هي شخصيته. وفي النهاية، وعلى درجة وعي منه لم يكن عليها سابقاً، يكتشف أن هذه الشخصية لا تُمثله، وإنما هي نسخة مقلدة عن أحد المشاهير، فيصاب بالإحباط.

2 -ضعف ثقة المراهق بنفسه:

   عندما يمتلك المراهق نظرة دونية عن نفسه، يحاول أن يكون له تأثير بمن حوله. فيجد أن أحد المشاهير حصل على هذا التأثير عن طريق العنف والشجارات المتعددة، فيلجأ إلى هذا الأسلوب إلى أن يقع بالكثير من المشاكل بسبب هذه السلوكيات المقلدة.

3-الإتاحة للجميع( شكرا اندرويد):

   سابقًا، كان يظهر مسلسل على التلفاز يشاهده جميع أفراد العائلة، ويحرص الإنتاج على تكوين شخصية مثالية كقدوة في التصرفات الحسنة والجد والعمل والإصرار على النجاح. لكن الآن، بعد انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، أصبحت هذه الشخصيات أكثر إتاحة، وأصبح المشاهير أكثر قدرة على التأثير بسلوكياتهم الخاطئة التي يتبناها المراهق في تكوين شخصيته كما يعتقد.

 4-الأنمي أو المسلسلات الكرتونية:

   أيضًا سابقًا، كان يتم عرض مسلسل على التلفاز بعد تنقيح ورقابة من الدولة. أما الآن، فهناك الكثير من الأنميات التي تقوم على قصص منحرفة والترويج بشكل مبطن وخطير لأفكار منحرفة كالمثلية والعنف واليأس.

 5- الضغوط التي يمارسها الأقران:

   الأقران هم مجرد نسخ مقلدة لأحد المشاهير. فمثلاً، المراهق لا يحب هذا النوع من تسريحات الشعر، ولا يحب هذا النوع من اللباس، ولا يُعجب بالأفكار وأنماط السلوك التي يتبعها أحد المشاهير الذي يقلدونه جماعة الأقران، لكنه يضطر إلى التماشي معهم تجنبًا لتهميشه أو التنمر عليه وإقصائه.

 6-الجانب المظلم من علم النفس:

   كل شيء مربح متاح للأسف اليوم. مجالات الاقتصاد والتجارة تعتمد على علم النفس لتقديم منتجاتها بغلاف نفسي قوي وموجه. ويُوجهون الإعلانات خاصة للمراهقين؛ فهم يدركون بأن المراهق ينجذب لشراء نفس الساعة التي ارتداها المشاهير. كل ما أن يصدر إعلان حتى يذهب المراهق إلى المتجر فورًا ويشتري الساعة، رغم أنها لا تناسب مستواه الاقتصادي أو ليس بحاجة إليها أبدًا. وهذا كله نتيجة لدراسة وأبحاث وليس عن عبث.

 7-تحول الأهداف إلى أحلام:

   من الجيد أن يضع المراهق لنفسه هدفًا يسعى لتحقيقه. لكن في حال كان أحد المشاهير قد نال مرتبة بين المجتمع وأصبح الجميع يحبه، فإن المراهق يتبع نفس الطريقة. لكن هؤلاء المشاهير لهم ظروف وصدف وفرص ليست متوفرة لدى هذا المراهق.

 8-ضع يدك على عينيك:

   وهذا سلوك اعتدنا عليه عندما نكون في جلسة عائلية نشاهد مسلسلًا على التلفاز، وتظهر لقطة خادشة للحياء، فيقوم الأب بالتحويل إلى محطة ثانية أو يأمر أولاده بوضع أيديهم على عيونهم. هنا لا يدرك الأهل بأن هناك جوانب لها تأثير أعمق وأكثر خطرًا على الأسرة وفترة المراهقة والحاجة إلى تكوين الشخصية، مما يؤدي إلى انعدام الرقابة على أولادهم المراهقين وتصرفاتهم التي يقلدون بها أحد المشاهير.

 9-الهَدنة النفسية والتصالح مع الذات:

   أن يعيش نفس حياة المشهور الذي يتمتع بمستوى عالٍ من الثراء، ويربط السعادة بالمال دائمًا، يؤدي هذا إلى عدم الاستمتاع والسعادة بالأمور الطبيعية المتاحة والمناسبة لبيئته،ولمستواه الاقتصادي.

 10- الدخول في التفاصيل:

   حين يلجأ المراهق إلى متصفح "جوجل" ليبحث عن معلومات تخص المشاهير، كعاداتهم اليومية، أعمارهم، طعامهم المفضل، لباسهم المفضل، والكثير من التفاصيل، يجعله هذا يعيش حالة من التقليد الأعمى لهذه التفاصيل.

 11- التنافس في القدرة على التأثير والمحتوى المدروس:

   فدائمًا الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي تُظهر تفاصيل وأحداث وسيناريوهات مدروسة وذات تأثير عالٍ وقوي، مما يزيد من تأثيرها على المراهقين.

  12- برأيي من لايجيد أن يكون القدوة الحسنة لولده فلاينجب أفضل:

   التي يقتدي بها المراهق. فمن المعروف أن المراهق، في تكوين شخصيته، يقوم بتقليد القدوة الحسنة التي أمامه، بدءًا من الأب والمعلم. لكن حين لا يقوم الأب بدوره أو يفتقد المراهق لقدوة حسنة يقتدي بها في تكوين شخصيته، فإنه يُوجه أنظاره إلى المشاهير. فالإنسان العطشان إذا لم يجد ماءً نقيًا ليشرب منه، سوف يشرب من أي مصدر للماء حتى ولو كان عكرًا.


 استراتيجيات مُتبعة لحماية المراهق من الضياع ما بين شخصيته الحقيقية ونسخة مقلدة لأحد المشاهير

 1 -لا تهدموا هذا الجسر:

   الذي يفتح مجال الحوار الأسري، ويضع صفات المشاهير تحت محاكمة بنقاش وحوار مع أولادكم عن الشخصيات التي يُعجب بها المراهق. اسألوا: "يا بني، ما رأيك بهذه الشخصية؟ وما رأيك بمظهر هذا الشخص؟ وما رأيك بأفكاره ومبادئه؟ هل أعجبك ذلك ولماذا؟ هل تحب أن تكون مثله؟" هنا نُساعد المراهق على التمييز بين دور المشاهير في إلهامه بصفات حسنة كالإصرار على تحقيق الأهداف، وتذليل الصعوبات، وأن يعيش الإنسان حياة سعيدة رغم ندرة مقومات السعادة. فهذه هي الإيجابيات التي تساهم في بناء شخصية المراهق بشكل إيجابي، وتحميه من التقليد الأعمى للمشاهير.

 2-التفكير النقدي:

   مهارة التفكير النقدي تجعل المراهق يُحلل المعلومات ويُميز ما بين الصفات الخيالية المصطنعة التي ليس من السهل أن يصل إليها الإنسان الطبيعي، وما بين الصفات الحسنة التي يمكن أن تساهم في بناء شخصيته. هنا يستطيع التمييز ما هو خيالي وما هو حقيقي، وهذا يحميه من التقليد الأعمى ويعكس العملية ليجعله يُكون أفكارًا إيجابية واقعية. فمثلاً، يجلس الأب مع المراهق ويشاهدان مسلسلًا فيه أحد المشاهير الذي يُقلده المراهق، فيظهر هذا الشخص المشهور في المسلسل بتسريحة شعر غريبة. ينظر الأب إلى ابنه ويقول له: إياك أن أراك غدًا بهذه التسريحة ...

لكن المراهق :في داخله تحدث محاكمه وتساله هل تناسب شكلك هذه التسريحه ؟

هل سيقبلك المجتمع بهذه الشكل ؟

هل ستجعلك هذه التسريحة أكثر وسامة؟

 هل سوف تضمن نفسك من التنمر والسخرية؟ من خلال التفكير النقدي أسئلة أجوبتها كلها


لا

لا

لا

فيستنتج المراهق أن هذه الصفات لا تناسبه


 3 -إعادة رسم الخطوط الرمادية التي تحدد شخصيته بلون أغمق:

   وذلك من خلال أن يعزز المراهق ثقته بنفسه، وممارسة الهوايات المفضلة لديه، أو الرياضات، أو أن يتعلم فنًا من الفنون. هذا يجعله يشعر بقيمته وتميزه عن غيره، وهنا لن يبحث عن أحد ليُقلده في تكوين شخصيته.

 4- تنقيح الصفات:

   بما أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت متاحة بشكل كبير، أصبح من الصعب فرض رقابة مستمرة على المراهق وعلى ما يشاهده. فالمراهق غالبًا ما يجد شخصية يُقلدها. هنا، نُعلمه عكس العملية؛ وذلك من خلال التمييز بين الصفات السيئة والصفات الحسنة لدى الشخص الذي يُعجب فيه المراهق. فيختار الصفات الإيجابية كالوفاء، والأمانة، والصدق، والإصرار على بلوغ الهدف، ونُبل الصفات، ويُبعد الصفات السيئة كتجارة المخدرات، والقتل، والجريمة، والاغتصاب. هنا يتحول المراهق من كونه نسخة مقلدة لكل صفات هذا المشهور بجوانبه السلبية والإيجابية، إلى إنسان يستفيد ويستلهم الأفكار الإيجابية ويُبعد الصفات السلبية.

 5- كُن أنت القدوة الحسنة:

   التي يستلهم المراهق صفاتها ويجعلها تساهم في بناء شخصيته. فليس أجدر بك أن تكون أنت القدوة لابنك، وتزرع فيه القيم والأخلاق والسلوكيات الحسنة، وتحميه من التقليد الأعمى للمشاهير الذين لا يقدمون الصفات بطابع إيجابي كامل.

 7- أن يتعلم المراهق قول كلمة "لا":

   الصراع الذي يحدث داخل المراهق بين رغبة الانتماء والاستقلال بشخصيته، وألا يقوم بتقليد أحد المشاهير الذي لم يقتنع بصفاته، لكن خوفه من أصدقائه تحت الضغط سيدفعه لذلك. سيتخطى هذه المرحلة حين تكون لديه شخصية قوية، وحين يتعلم أن يقول "لا" في حال كان الأقران يقومون بتقليد شخصية بصفاتها السلبية. قد يجد المراهق أن الأقران يقومون بتعاطي المخدرات والحشيش وذلك بسبب تأثرهم بإحدى الشخصيات، مثلاً في مسلسل "العربجي" يقدم على فعل انتقامي بوضع العجينة تحت لسانه. فالأفضل للمراهق هنا أن يخسر ألف صديق بدلًا من أن يتعلم صفة سيئة.

 8-التقنين والاقتصاد الرقمي:

   نضع لهم برنامجًا محددًا يسمح لهم بتصفح مواقع التواصل الاجتماعي لفترة محددة، دون إتاحتها للمراهق 24 ساعة. هذا سيحد من تأثير الشخصيات المشهورة على المراهق.

 9-نبذ المقارنة العمياء:

   نُعلم المراهق كيف يكون شخصيته المستقلة دون أن يقارن نفسه بالآخرين وبالمشاهير التي قد تقوده إلى التقليد الأعمى وتمحي ملامح شخصيته المستقلة.

 10- ميزان الظروف:

   وذلك من خلال تحليل ظروف وبيئة وحالة المشاهير الاقتصادية الذي يقلده المراهق، وأن ليس هناك ظروف متساوية ومتشابهة تمامًا مع بعضها. لدى المراهق ظروف قد تجعله أفضل ولا يمتلكها المشهور الذي يُعجب به.

 11- تحميل البيئات المؤثرة في المراهق المسؤولية:

   وأكثرها وسائل الإعلام؛ حيث نسعى إلى جعل هذه المحطات تُفلتر الأفكار السلبية المنافية للأخلاق والعقيدة عن المراهق. وكذلك إشراك المعلم وتأثيره الإيجابي على المراهق، والأب والأسرة، وجميع الفئات الاجتماعية. فهي مسؤولية المجتمع ككل.

 12-علينا أن نشعر بشعور المراهق لا بشعور الناضج:

   وذلك لكي نتفهم مدى تأثر المراهق بالمشاهير وخطورة التقليد الأعمى في تكوين شخصيته في هذه المرحلة الحساسة، التي ربما تستمر معه الصفات السلبية إلى باقي حياته. فلذلك، علينا ألا نُقلل من خطورة هذه العوامل من خلال تفكيرنا وشعورنا المتزن والمستقل والناضج، فالمراهق يفكر بطريقة مختلفة تمامًا عن الإنسان الناضج كونه يمر في مرحلة حساسة جدًا، ولديه الكثير من الثغرات التي يسعى لملئها. لدينا سامر عمره16 سنة كان يقلد إحدى الشخصيات المشهورة بتسريحة شعره، وخرج من سن المراهقة ولم يعد يهتم بالصفات التي تظهر لدى المشاهير، واختلف طريقة تفكيره بشكل جذري من التقليد الأعمى إلى الاستقلالية وعدم الاهتمام واللامبالاة.

 12- أن نحث المراهق على استخدام أسلحته:

   وذلك من خلال تفعيل المهارات التي اكتسبها من التفكير النقدي، واتخاذ القرار، وحل المشكلات. كل هذه المهارات تُعلمه كيف يُفنّد أو ينتقي الصفات الحسنة وينبذ الصفات السيئة، وعدم الانقياد الأعمى من خلال التفكير المنطقي، وقياس الأمور على واقعه الشخصي بأفكار ومبادئ سليمة تتماشى مع الوضع الاجتماعي والاقتصادي والبيئة المحيطة التي يعيش فيها، وتفهم طبيعة الحياة الواقعية، وأن المحتوى يكون بشكل مثالي ومنتقى، ومعدل بتأثيرات صوتية وبصرية وسينمائية لا توجد في الواقع. أن يتعلم كيف يُقارن بين ما هو ممكن وصحيح وإيجابي وبين ما هو سلبي وخيالي.

خامسًا: الخاتمة

إن المراهق ذو شخصية "ممتصة"، ينتظر التأثير لِيُكون شخصيته التي تُعد حاجة ملحة لديه. فنحن لا نقول بأن كل الصفات التي تُعرض في وسائل التواصل الاجتماعي سيئة ومنبوذة وغير واقعية، بل هناك ما يغرس في نفس المراهق الصفات الإيجابية. لكن في وقتنا الحالي، الصفات السلبية أكثر من الصفات الإيجابية، لذلك لدينا هنا مشكلة علينا مواجهتها بالاستراتيجيات المناسبة لنحمي المراهق من كونه نسخة مقلدة. وذلك من خلال توفير بيئة مليئة بالإيجابيات والأفكار التي يحتاجها المراهق في بناء شخصيته، بدلًا من أن ينقاد نحو شخصية بصفات سلبية. والمشكلة تكمن في بناء شخصية المراهق، فهنا لدينا عاملان مؤثران الا وهما الشده والاستمراريه. نُساعد المراهق في التخلي عن بعض الصفات السلبية التي اكتسبها من الشخصية المشهورة التي كان معجبًا بها، وذلك لتجنب استمرار ممارسة هذه الصفة فيما بعد فترة المراهقة. نحاول قدر الإمكان أن يكون الأثر أقل حدة لكي نتمكن من السيطرة عليه

pedagogy7
pedagogy7
معلم مجاز في التربية وعلم النفس بالأضافة إلى دبلوم تأهيل تربوي من جامعة حلب. العمل الحالي قي مجال التربية في ميونخ
تعليقات