📁 آخر الأخبار

تأثير القدوة على شخصية الطفل

 

القدوة وتأثيرها على الطفل وسلوكه

القدوة في حياة الإنسان تعتبر سلاح ذو حدين، فهي وسيلة فعَّالة إما لتعديل سلوك خاطئ ظهر (حديثاً) لدى الطفل، أوعرض فعل سلوكي، حي حسي غير مجرد، بغلاف نفسي تربوي من مستوى الطفل، يتقبله، يفهمه، يجذبه، لاحظ معي عزيزي القارئ، فحتى تعريف القدوة فقط، كان علينا أن نفكر ليس داخل الصندوق ولاحتى خارجه، إنما في شكل هندسي لاإقليدي، لكي نواكب مراحل صناعة الإنسان  في طور الملائكة، نعم صناعة، لِمْ توقفت؟ فما نعرفه اليوم بالتربية، هي صناعة الإنسان، صناعة سلوكية مبدأياً، على سبيل  التسلسل المنطقي وليس الاستبعاد، ثم صناعة  بيولوجية، مهارية، معرفية قيمية، أخلاقية ... إلخ
وبما أننا نتحدث عن مرحلة الطفولة، فلانريد اطلاق العنان لتلك المستويات، فحتى  الطفولة، لم يتم الاتفاق على نص واحد يحدد مراحلها، ليس عجزاً، بل كونه نسبياً، تتدخل به عوامل بيولوجية، ومعيارية من وجهة نظر كل علم أو منظمة، أو عرف، لكن لأن هذا يهمنا في السير النسبي طرداً  مع كل مرحلة من مراحل الطفولة، والمستوى المؤثر للقدوة فيها، لنحدد قدر الإمكان عوامل نجاح القدوة، في خط مانريد، في هذه الصفحة البيضاء.
قلنا صفحة بيضاء، إذاً ماهو أهم شيء بالنسبة لها؟
إنه القلم، أي القدوة في حياة الطفل:

أولاً:الملاحظة:

يبدأ الطفل باكتساب السلوكيات، والكثير منها عن طريق مراقبة من حوله، وخاصة في مرحلة الطفولة المبكرة، ومن الطبيعي، أول من يلاحظهما، الأب والأم، ربما الإخوة، فالمعلم، يتعلم الطفل منهم، الكثير من السلوكيات، ردات الفعل والتعامل مع من حوله، ومن الطبيعي مع تقدم الطفل في العمر ترتفع مستويات السلوكيات، الحركة، الكلام، المشاعر، والمفاهيم المجردة،والملاحظة هي أهم مايلجأ إليه، في بداية سقل شخصيته، ممايلاحظه، من القدوة، أكان بشكل مدروس أو بشكل عفوي. 

ثانيا:الأخلاق، القيم، الدين:

ومفاهيم أكثر تعقيداً وأهمية.. ربما هي سلوكيات، كانت قدوته تعلمه إياها، أو على الأقل، شاهدها كمواقف، عادية، لكنه أنه أصبح يراها من منظور مختلف، حمد الأب لله على الصحة والعافية، بعد الانتهاء من الطعام، صدق أمه مع والده، الاحترام، إكرام الضيف،... 
كلها تخط الآن بصفحته لكن بحبر وجداني جعله يشتم عطره، وينتشي بكونه إنسان بهذا الرقي، وصفحات تُكتب، وصفات تُسقل، وكلها هو.. 

ثالثاً:قوة شخصيته:

هنا بدأنا بأهم مايحتاجه، إيمانه بنفسه، وإرادة قوية، ودوبامين بث في نفسه  حبه للحياة، وثقته بنفسه، ألهمته قدوته الحسنة، شخصية سُقِلت من الحديد والنحاس، المجتمع، الناس، الأم الناجحة، والصديق المتفوق، والأهداف التي شهد محاضها، بثت في عروقه، بصمة قوية، وعزيمة، شخصية قوية مستعدة.... 

رابعاً:حين يدرك الطفل بأنه جزء من هذا المجتمع:

يأتي دور قدوته، يراقب ابتسامته، يشعر بدفء كلماته، طبقات صوته، وهو يعامل من حوله، كل حسب علاقته به، احترامه، مصطلحاته، وفي النهاية هذا الطفل كائن اجتماعي بالفطرة، وقدوته الحسنة دائماً بيده طبق من ذهب، يقدم له كل مايرغب فيه... 

خامساً:مهارات الولوج بالحياة:

في كل موقف يتعرض له الطفل، مشكلة، حاجة، عقبة، شائعة تؤرقه، سوء فهم،... ستجده ينفذ استراتيجية ذاتها، شاهد والده، أخيه، قدوته الحسنة، قد لجأ إليها أمامه، وبقيت مخزنة لديه حتى استحضرها في موقف مشابه، في مواجهة ماتعرض له... 
لكن، أكل القدوات حسنة؟ 
في فترى ما، اعتمد الطفل على قدوته في تعلم كل مايلزمه، وكانت النتائج مرضية،لكن، قد علمه والده بأن التبغ ضار، فإذا به:يرى معلمه في الشارع، وقدوته، يشرب السجائر
حين يكبر :
سيجرب ذلك،،، 
ففي النهاية، هذا الطفل قدواته ليست ملائكة:

أولاً:اكتساب عادات ضارة :

التنمر على الناس، سماعه لألفاظ نابية، تشعره بأنه قوي، حين يتلفظ بها، وخاصة، حين يشاهد الناس كلهم من حوله يمارسون عادات سيئة، يكذبون، يسرقون، فهو مازال في وضعية الاستقبال.... 
لكن للأسف لم تكن نتائجها مرضية بالنسبة له، حين قابله الناس بأسوأ منها، تشابكت لديه الخيوط وارتبك من محيطه.. 

ثانيا:لم يمتلك بعد هذا  الطفل الفكر الناقد:

 مما أدى لاستقباله كل ما يصب في عقله، من أفكار مسمومه، ومعلومات مغلوطة، يصعب التخلص منها

ثالثاً:تزعزع ثقته بنفسه:

أسوأ مايحبط الطفل قدوته السيئة، مماتؤثر سلباً على مستقبله، فمن الصعب تخطيها،وانحراف سلوكه، بسبب تعرفه على الكثير منها

فالمسؤولية تقع على المجتمع ككل في كونه يقدم القدوة الحسنة بصورة عامة وخاصة من أصغر خلية فيه.  الأسرة
أولاً:الأب والأب:
يعتبران القدوة الأهم في حياة الطفل، وتقع مسؤولية كبيرة عليهما، أكان ذلك بشكل عفوي أو مقصود، وذكرنا أهمية مراعاة عمر الطفل في تعليمه،، مثلاً:إن كان الأب لديه عادة ضارة، والطفل في مرحلة ماقبل المدرسة، فإما أن يمتنع عن التدخين أمامه، وهذا أفضل، ولكن إن شاهده الطفل يدخن فعليه التظاهر بالسعال وألم في صدره أمامه... وصنع موقف سلوكي يوصل للطفل فكرة أضرار التبغ.. 
وإن كان الطفل في مراحل الطفولة المتأخرة فعليه نصحه، ومحاولة شرح له أضرار التبغ.. 
كذلك الصدق والشجاعة وضبط النفس، كلها لها أساليب أكانت تتمثل بعادات سيئة أو حسنة يجب أن تناسب عمر الطفل... 
ثانيا:المعلمون:
المعلم ملزم تماما بأن يكون قدوة حسنة لأنه يعتبر  أهم قدوة يتقمصها الطفل، لذلك تُلزم المؤسسات التربوية المعلم باتباع أنماط معينة من السلوك تجعل منه قدوة حسنة في حب العلم والمعرفة، والأخلاق الحسنة التي تأتي ضمن المنهج كمواد مخصصة، وأهداف وجدانية في كل درس.. 
ثالثا:وسائل الإعلام:
لها دور كبير حيث عليها عدم تقديم سلوكيات خاطئة بغلاف مبهرج، يجب أن تركز البرامج التلفزيونية، والمحتوى الرقمي على قصص تعتبر ناجحة وملهمة.. 
رابعا:المجتمع:
وهو كل مايحيط بالطفل، الشارع، الأصدقاء، الشخصياة العامة... 

طرق تعزيز القدوة الحسنة:

أولاً: التناسق في السلوك:

إذا كان سلوك القدوة متماشياً مع مايدعو عليه، فإن هذا ضروري، فلو كان هناك تناقض بين سلوك القدوة الحسنة ومايدعو إليه، فهذا يولد شرخ وتناقض لدى الطفل، فالأب الذي يدعو طفله للصدق، ثم يشاهده طفله وهو يكذب  فهذا يضيع  الطفل ويشتت ذهنه... 
ثانيا: الاعتراف بالأخطاء:
فنحن لسنا ملائكة والقدوة الحسنة قد ترتكب فعل سيء، فمن الضروري الإعتراف بالخطأ والإعتذار :يابني أنا اليوم جئت من العمل متعباً، ورفعت صوتي على أمك، هذا لايمثل الرجولة والقوة، ولاذنب لكم في ذلك فالقوة هي كتم الغضب، فأرجو أن تقبل إعتذاري أنت ووالدتك 

ثالثاً: تخصيص وقت للحوار المفتوح:
دائما أتحدث مع طفلي عن كل مايراه أمامه وأذكر له الصواب من الخطأ، لنجيب الطفل على كل تساؤلاته، فمن المعروف أن الطفل كثير الأسئلة، فيجب أن نجيبه على كل سؤال دون تذمر 
رابعاً : تشجيع السلوك الإيجابي :
علينا أن نشجع الطفل على السلوك الإيجابي إن اجتهد أو قلده فهذا يحفزه، ويرسخ هذه السلوكيات، وتصبح جزء من شخصيته... 
خامسا: العادات الصحية:
ممارسة الرياضة، وتناول الغذاء الصحي، وتمارين العقل، وحل الألغاز، سلوكيات  صحية تعلم الطفل أهمية الاعتناء بصحته البدنية، والعقلية، والنفسية... 
سادساً: دمج الطفل في المجتمع :
كالمشاركة في الأعمال التطوعية، والحفاظ على نظافة الشوارع والحدائق، ليشعر بجزء من المسؤولية التي تقع على عاتقه.. 


لذلك القدوة الحسنة لها دور كبير في خلق شخصية قوية متماسكة قادرة على تذليل الصعوبات ومواجهة الظروف العسيرة، والأهم استمرار هذه القدوة لأنها إسلوب تربوي طويل الأمد:الأسرة المدرسة المعلم المجتمع الإعلام،.... 
وكلما كانت القدوة في حيز مختص وضمن السيطرة كلما كان عليها مراعاة مراحل الطفولة، فكل مرحلة تحتاج لترسيخ سلوك بنمط يتناسب مع عمر الطفل، مع التحفظ على عدم تغيير جوهر السلوك إنما البداية بتفاصيل بسيطة ثم السلوك والمفهوم الصحيح دون إختلاف الجوهر أو التدرج بشكل يغير  السلوك نفسه أو يناقضه.
pedagogy7
pedagogy7
معلم مجاز في التربية وعلم النفس بالأضافة إلى دبلوم تأهيل تربوي من جامعة حلب. العمل الحالي قي مجال التربية في ميونخ
تعليقات