الإكتئاب لدى المراهقين أسبابه وطرق التعامل معه
قصة معبرة:
ما بك يا صديقي، لماذا لا تجيب على رسائلي؟ والله أنا أشعر بالاكتئاب..."
هذا جواب بسيط، لكن معناه عميق جداً. الاكتئاب ليس لعبة، إنما هو اضطراب نفسي جلل، سلّم الله منه كل إنسان. فهو ليس نوبات الحزن العابرة، مثلاً إذا أضعت بطاقتك الشخصية،أو نسيت مفتاح عربتك داخلها، أو نسيت أن ترفع جدول نشاطك اليومي لمديرك، أو أن النقود لن تكفيك لشراء تذكرة عودة ، أو أن تغلق جوالك لأنك مكتئب اليوم
هذه كلها حالات مزاجية عابرة وخفيفة تزول مع زوال المسبب أو الكذبة بالأحرى، و تشمل التقلبات المزاجية البسيطة.
أما الإكتئاب فهو حكاية أخرى
يقول أحد المصابين بالإكتئاب في كتابه:شيطان الظهيرة"الإكتئاب وقح"
يُعد الاكتئاب من أكثر الاضطرابات النفسية المعاصرة انتشاراً وتأثيراً على الصحة النفسية والجسدية، ولا يمكن أن تتأثر بعوامل قد تكون مفرحة لناس آخرين. فمثلاً لو كنت في مزاج منخفض وتظن أنك مصاب بالاكتئاب وقدم لك رزمة دولارات وفرحت، فأنت لست مصاباً بالاكتئاب.
طرح المشكلة:
انتهى المزاح الآن، قم بزم حاجبيك إلى بعضهما واعبس وتابع معي.
هذا الشيطان النفسي، يكاد الاكتئاب لا يوجد جانب إلا ويؤثر فيه تأثيراً سلبياً، حيث يؤثر الاكتئاب بشكل سلبي على:
1-الصحة النفسية :
- مزاج منخفض.
- شعور بالضيق.
- حزن مستمر.
- فقدان الدافع.
- فقدان الشغف.
- قلق وتوتر.
- أرق وكوابيس.
- تشاؤم.
- سوداوية.
2-الصحة العضوية:
- خفقان.
- تعرق.
- تعب عام.
- وهن عضلي.
- خمول.
- ضيق تنفس.
3-الصحة المجتمعية:
- العزلة.
- الخوف من الوحدة.
- صعوبة في التواصل مع الآخرين.
- فشل في تكوين الصداقات.
- صعوبة في التأقلم.
- ارتفاع نسبة احتمالية الإدمان.
- عدم الاهتمام بالمظهر العام.
- إهمال النظافة الشخصية.
- الرهاب الاجتماعي (رهاب الميادين).
4- التحصيل الدراسي:
- تراجع ملحوظ في درجات الاختبارات.
- تراجع النتائج العامة.
- فقدان الطموح.
تتراوح الأعراض ما بين شديدة إلى متوسطة إلى خفيفة، ومنهم من يستطيع تجاوزها بسهولة، ومنهم من يحتاج إلى متابعة دقيقة وخاصة.
غالباً ما تبدأ أعراض الاكتئاب بالظهور في نهاية مرحلة الطفولة المتأخرة (في عمر 13 عاماً تقريباً)، وفي بداية سن المراهقة (أي في عمر 14 إلى 18 عاماً)، وهذه هي الذروة التي يتعرض فيها المراهق للاكتئاب.
وللاكتئاب أسباب عديدة منها:
أسباب الاكتئاب:
١- الضغوط الدراسية:
- خاصة في الشهادة الثانوية العامة، حيث يتم الضغط عليه من قبل الأهل؛ فالأب يريد منه أن يصبح طياراً، والأم تريد منه أن يصبح عالم ذرة، وأخوه في المغترب يريد منه أن يصبح رائد فضاء، وهو يريد أن يصبح فناناً. تتضارب المصالح والأهداف، ويشعر أنه دون تلك الأحلام التي يبنون عليه آمالاً في تحقيقها، فينتابه شعور بأنه لا يستحق كل تلك التكاليف التي ينفقونها عليه.
2- البيئات الأسرية السامة:
- خاصة الظروف العائلية التي يسودها التشتت والطلاق وانفصال الأب عن الأم.
3- صورة الذات السلبية:
- ربما يكون لديه صورة عن ذاته غير راضٍ عنها، فيشعر بعقدة نقص ويشعر بالدونية.
4- الرفض المجتمعي:
- بسبب رفض المجتمع لشكله القبيح غير المقبول اجتماعياً، فيكون دائماً منبوذاً في هذا المجتمع.
5- الفقد:
- وهو من أشد العوامل التي تؤدي إلى الاكتئاب وأعنفها، وذلك عندما يفقد المراهق الأب أو الأم أو كلاهما في حادث سير، أو أحد الإخوة يدخل في نوبة اكتئاب عميقة لا يخرج منها بسهولة، مما يسبب له اكتئاباً مزمناً.
6- الفراغ العاطفي:
- حيث إنه في هذه الفترة يقوم بالتعرف على الجنس اللطيف، وتختلف نظرته إلى الفتيات. عند تعرضه للرفض عدة مرات يدخل في دائرة من الحزن والكآبة قد تستمر لتصبح طويلة الأمد.
7- الإدمان بأنواعه:
- من بدايته الإدمان على الإلكترونيات إلى الإدمان على الممنوعات.
8- العوامل الوراثية:
- لم يكن السلم الوراثي بريئاً، حيث أثبتت الدراسات الحديثة أن الاكتئاب وبعض الصفات النفسية تنتقل بالوراثة. ففرصة الأبناء الذين لديهم آباء يعانون من اضطرابات نفسية تكون فرص إصابتهم بالاكتئاب أكثر من غيرهم.
9- عدم التواصل الأسري:
- عدم وجود تواصل بينه وبين أفراد الأسرة.
للتنويه:
في بعض الدول الأوروبية يوجد مكتب يقوم موظف فيه بالإصغاء للناس، ثم يدفعون له ثمن إصغائه. من هذا المشهد نعرف أن الإنسان بحاجة إلى من يصغي له.
حلول مشكلة الاكتئاب:
من المتعارف عليه أن المشاعر المكبوتة تؤدي إلى الاكتئاب، لذلك:
1- البوح الأسري:
- الحوار والنقاشات بين أفراد الأسرة، بينه وبين الأب والأم، له دور كبير في حمايته من الاكتئاب.
2-تفعيل دور مراكز الصحة النفسية في المدارس:
3- تكوين الصداقات:
- مع أصدقاء من طبقته وذوي المستوى المشابه لمستواهم.
4- ملء الفراغ العاطفي:
- من خلال علاقات صادقة يبنيها مع أفراد أسرته.
5- وضع هدف واقعي:
- يستطيع بلوغه والابتعاد عن المستحيل.
6- الابتعاد عن المسببات:
- مثل الكحوليات، والتدخين، والممنوعات.
7- دعم الصحة النفسية في المدارس:
- توفير أخصائيين نفسيين داخل المدارس وتدريب المعلمين على اكتشاف الأعراض المبكرة للاكتئاب يساهم في احتوائه. فالاكتئاب مثل السرطان، الكشف عن أعراض الاكتئاب بوقت مبكر يساعد في علاجه وتلافيه قبل أن يستعصي.
8- تجنب الضغط الزائد من قبل الأهل:
9- تثقيف الأهل:
- ليتمكنوا من التعرف على أعراض الاكتئاب.
10- بناء جسر من الثقة:
- بين الأهل والمراهق، لكي يتمكن من إيصال مشاكله ومشاركتهم إياها.
11- الصداقات:
- تحمي المراهق من الاكتئاب، وتسمح له بالتفريج عن المشاعر والمشكلات المكبوتة من خلال التعبير عما يدور في باله.
12- ممارسة الرياضة:
- كالجري السريع، تؤدي إلى إفراز مواد لتعديل المزاج.
13- ممارسة الأنشطة الجماعية:
- تعزز من روح التعاون والنشاط، وتجعل العمل ممتعاً مهما كان.
14- وضع جدول زمني:
- لتجنب تراكم الدروس والمقررات إلى يوم الامتحان.
15-ممارسة الهوايات:
- مثل الرسم، والموسيقى، والكتابة، والشعر، والقراءة، التي يمكن أن تفرغ من الضغط.
الخاتمة:
وفي النهاية، إن لكل إنسان قدرة على تحمل ضغط وعتبة تختلف عن عتبة شخص آخر. فمن الممكن أن العوامل التي يحتملها شخص ما وتبدو عادية بالنسبة له، قد تكون مدمرة بالنسبة لشخص آخر. ولذلك نجد أن هناك تبايناً في ردات الفعل للموقف الواحد بالنسبة لمجموعة من الأصدقاء، وذلك يعود إلى خلفيات لها علاقة بالوراثة والتربية والبيئة الاجتماعية التي يعيش فيها، والدعم النفسي والمعالج النفسي الذي يتلقى الدعم على يديه.
نحن نحترم سياسة الخصوصية لمستخدمي موقعنا الإلكتروني، لذلك لا ننشر أي معلومات حول أصحاب التعليقات مع أية أطراف خارجية، ولا نبيع معلومات زوارنا الكرام حفاظا على حقوقهم المدنية والخاصة إيماناً منا بمبدأ خصوصية المستخدمين أولويتنا الحفاظ عليها.