📁 آخر الأخبار

مشكلة العناد عند المراهقين

 العناد عند المراهقين: أسبابه وطرق التعامل معه



حين بدأت بهذا المقال، تفصد العرق من جبيني، ودعكت القلم بأذني وأنا أتذكر مقالًا كتبته سابقًا عن عناد الأطفال. كم كانت حلوله سهلة! كم كان تعليم الطفل على عدم العناد أمرًا سهلاً ليكبر وهو معتدل، خالٍ من المشاكل الاجتماعية والسلوكية. والآن، انظروا إلى العناد عند المراهقين، التي هي أكثر فترة حساسة في حياة الإنسان. تخضع لتغييرات بيولوجية وعاطفية، وكل هذا يزيد من تعقيد الموضوع. فهو يشكل هويته. لا، العناد ليس أمرًا محببًا، وليس أمرًا صحيحًا؛ لأن العناد بالأساس هو أن يتمسك الإنسان برأيه حتى ولو كان خاطئًا أو مضرًا به. أن يرفض الأوامر، وليس رفض الأوامر هو الغرض بحد ذاته، إنما الرفض والعناد. وذلك يؤثر على علاقاته الأسرية والاجتماعية، وعلى أدائه الدراسي. قد يدمر مستقبله لمجرد تمسكه برأي خاطئ بدافع العناد. والمشكلة أن في فترة المراهقة يتم بناء هوية الإنسان. والمشكلة الأكبر ليست بناء هوية الإنسان، بل إن المراهق يعتبر أن العناد هو أساس من أسس بناء شخصيته ؛ لأنه يعتبر أنه من دعائم الاستقلال لديه.


طرح المشكلة:


يظهر العناد في فترة المراهقة التي تقع ما بين 13 سنة و18 سنة. تتسم فترة المراهقة بالاضطرابات الكثيرة التي تمر بها، وهي حساسة جدًا. فإن هنا الإنسان ينتقل من مرحلة إلى مرحلة، ويمر بتغييرات هرمونيه مسببة اضطرابات نفسيه عاطفيه سلوكيةوتغييرات جسديه، تجعله دائمًا مضطرب المزاج، وكأنه أضاع شيئًا. من أكثر المسائل التي يبحث عنها المراهق أو يريد إثباتها في المجتمع هي شخصيته وذاته واستقلاليته. ويعتبر المراهق أن العناد وسيلة للتعبير عن ذاته المستقلة، أي أنه حر بنفسه، ولا أحد يتدخل به. لأن هذه شخصية مستقلة بالنسبة له. تضاربت الآراء من وجهات نظر العلماء. الآن نتحدث من وجهة نظر العلماء وليس المراهق. البعض يرى أن العناد عند المراهق هو للتعبير عن ذاته وبناء شخصيته المستقلة، كما يدعي المراهق. الفريق الثاني يقول: لا، العناد هو في الحقيقة نتيجة لنقص التواصل الفعال، سواء مع الأسرة، أو مع الأب، أو الأم، أو الأخوة، أو الأصدقاء، أو مع المدرسة، أو الزملاء، أو المعلمين. وعندما لا يوجد من يحتويه، يحاول اختبار الحدود المفروضة عليه. وفي حال أن المراهق لم يجد البيئة الآمنة الدافئة التي تصغي لآرائه، تسمع ما يقول، تشعر بما يشعر، تسأله عن رأيه، عن مبادئه، عن شخصيته، أهدافه، طموحاته، كل شيء يحبه في حياته، يكرهه عندما يفقد كل هذه النقاط التي هي بالنسبة له في هذه الفترة عالم كامل من التفاصيل الملحًة. بهذه الحالة يصبح العناد سلوكًا مستمرًا لديه، ومتى ما أصبح العناد سلوكًا مستمرًا لدى الإنسان، فقط يصبح عائقًا في كافة المجالات الاجتماعية، والأسرية، والأكاديمية، والمهنية، والنفسية، والعاطفية.


أسباب العناد عند المراهق


1- الهوية:


 السبب الأول عند المراهق ذكرناه كثيرًا، وهو برأيه إثبات هويته والتعبير عن استقلال شخصيته. حيث يتمرد على الكثير من القوانين والحدود والأنظمة. وقد يؤدي إلى تضارب آرائه مع آراء والده، ولكنه لا يتنازل عن أي شيء ممكن أن يسبب له الضرر، ويعتبر كل هذا برأيه قوة شخصيته وتعبيرًا عن ذاته.


2- إختلاف إهتمامات وأهداف الوالدين:


أنا شخصيًا أقول للمراهق الذي يوجد في أسرة: الأب يغني على ليلاه والأم تغني على ليلاها، أقصد عنترها، والأخ يغني على ليلياه، وكل منهم مهتم بنفسه، ولا أحد يدري بوجوده بينهم. إذًا، السبب الرئيسي للعناد هو عدم سماع الأسرة لآراء المراهق، فيلجأ بالاحتجاج إلى الطرق ، المناسبة لسياقه النفسي الشرس، حينها،...... طبعا  العناد.


3- تأثير الأقران والأصدقاء :


 أتذكر عندما كنت في فترة المراهقة، انضممت إلى مجموعة من الرفاق لي في الصف، فوجدتهم يتحدثون عن المعلم الفلاني، وأنه سيء، وأنهم سينتظرونه على الطريق، وسيضربونه، وأنه يكرههم ويضربهم. وأنا كنت أسمع بغرابة، في هذه الحالة،كتصرف متوقع  أن أشارك في الحديث أيضا وأتقاسم وجهة نظرهم اتجاه المعلمين لكي يتقبلوني في المجموعه...... 

هنا المراهق يريد أن يتماشى مع المجموعة ويصبح يشبههم، وذلك لكي يتلقى قبولهم له. فيدخل معهم بالنقاش، ويسب المعلمة الفلانية التي أفسدت عليه قيلولته أثناء الدرس، يريد أن يفجر بها عبوة ناسفة. هنا المراهق اتخذ من اتجاهه السلبي نحو المعلمين رأيًا من الآراء التي يتعنت لها، فصار عنيدًا 


4- التغييرات الهرمونية:


 شيء طبيعي وغير مستبعد أن نذكر التغييرات الهرمونية، مرارا وتكرارا كونه السبب الرئيسي لاضطراب شخصية المراهق، الذي تجعلهم يمرون بتغييرات نفسية وعاطفية وجسدية ومزاجية، ويصبح دائمًا بمزاج سيء، قابل للثوران والانفجار. والعناد شيء طبيعي لهكذا صنف من الشخصيات.


5- الفوضى الأسرية:

 المراهق عندما يكون في منزل تسوده الفوضى، ولا يوجد فيه نظام، وهو ما يريد أن يثبت ذاته، فإنه يريد أن يصبح هو من يسن القوانين والأنظمة، لدرجة أنه يتحدى أبويه ويتعنت بذلك الرأي، ونعود هنا إلى العناد.


6- التقلبات النفسية: 

التغييرات النفسية السيئة التي تمر على المراهق من الاكتئاب. المكتئب يشعر دائمًا بالارتباك والتوتر والخوف؛ لأنه لا يعرف من ماذا يخاف. لديه شعور بالخوف، ولكنه لا يعلم لماذا، فيأتي العناد كوسيلة دفاعية لديه، لكي يدافع عن نفسه من شيء لا يعرفه، لأنه فقط يشعر بالخوف.


7- عادات الوالدين:

الوالد كل يوم يشرب برميل ونصف خمر، ويذهب بأمواله إلى القمارات. ماذا تتوقع من الابن أن يكون؟ يسرح شعره إلى جانب، ويرتدي نظارات بإطار مدور، ويأخذها الأولى على المدرسة. طبعًا سيكون مراهقًا عنيدًا وشقيًا.


8 - الضغوط:

الضغط، الضغط، الضغط، الضغط، يؤدي  في النهاية إلى ماذا؟....

 إلى العناد. 

ادرس واجباتك، اسأل زميلك عما فاتك في اليوم الذي غبت فيه، تحدث مع معلمك في الفيزياء لكي لا يتأخر عنك،، غير ملابسك ، أنا لدي مشط، سرح شعرك جيدًا، أحضر لأمك الخضروات من السوق، هذا المبلغ لصاحب المنزل. تكلم مع أبو عبدو النجار.......

يا جماعة، أنا من يكتب المقال لو كنت مكانه ساكون عنيدا


9- تأثير الماضي:

في الحقيقة، المراهق لا يحمل كل المسؤولية في صفة العناد. الله أعلم بما قد مر عليه في طفولته. هناك الكثير من الأحداث التي تمر علينا في فترة الطفولة، ننساها، لكن تبقى في اللاوعي الخاص بنا، وتظهر في فترة المراهقة على شكل اضطرابات نفسية سلبية ومزعجة جدًا.


حلول المشكلة


ما بك؟ ماذا تنتظر؟ 

حلول...؟

لا والله لن أكتبها حتى تذهب إلى ولدك وتسمع منه ما يريد أن يعبر عنه، أن تعرف ما الأشياء التي يعاني منها، ما هي الأشياء التي يحبها، الأشياء التي تزعجه. انظر إلى الأسباب التي سببت عناده في الأعلى، وأصلحها معه بنفسك. هل تنتظر مني أن أكتب لك الحلول؟

 لا، والله لن أكتب. اكتشفها أنت بنفسك.

pedagogy7
pedagogy7
معلم مجاز في التربية وعلم النفس بالأضافة إلى دبلوم تأهيل تربوي من جامعة حلب. العمل الحالي قي مجال التربية في ميونخ
تعليقات