ضعف الشخصية لدى المراهقين، أسبابه وطرق التعامل معه
حصلت كارثة في إحدى المدن، وهي انهيار مبنى كامل على رؤوس القاطنين. وفدت سيارات الدفاع المدني وفرق الإنقاذ وفرق من المهندسين المختصين للتحقيق في سبب الانهيار.
اول نقطه انتبهوا اليها هي التاسيس، ومدى قوته واستيفائه للشروط التي تؤهله لأن يكون أساساً متين لحمل البناء.
إذاً مرحلة المراهقة في عمر الإنسان هي من المراحل الحساسة التي تتكون بها الكثير من السمات الشخصية التي ترافق الإنسان إلى بقية حياته.
مرحلة المراهقة تقريبا ما بين 12 عاماً إلى العشرين، وأحياناً إلى 24 عاماً.
تعتبر فترة مهمة، لأنها تتم فيها تكوين الشخصية، أي تتشكل فيها الهوية الذاتية والاستقلالية.
ليست مرحلة عابرة، إنما هذه الهشاشة في حال إهمال هذه المرحلة ستؤدي إلى انهيار المبنى الكامل الذي يقوم على هذه المرحلة، لأنها تمتد إلى الأسرة.
ومن المشاكل النفسية الشائعة في هذه الفترة هي ضعف الشخصية.
ضعف الشخصية هو عدم القدرة على التعبير عن الذات ومواجهة المشاكل. هناك الكثير من الصعوبات في القدرة على التعبير رأيه ومشاعره
المشكلة:
تعتبر الشخصية التي تتسم بالضعف أن لديها صعوبات كثيرة، في اتخاذ القرارات اليومية البسيطة التي تتعلق بأدق التفاصيل.
أو أن يعبروا عن ذاتهم أو عن آرائهم في حياتهم اليومية.
فقال سيغموند فرويد إن أهمية الدعم الأسري لبناء شخصية قوية متوازنة له دور كبير جداً. يجب أن ننظر إلى أن اهتمام الأسرة له دور كبير. فعليه أن يكون متزناً، كيف ذلك؟ أي أن الاهتمام الزائد بالفرد يؤدي إلى سمات سلبية بما يخص ضعف الشخصية.
وأيضاً التهميش أو الأسلوب القمعي في التعامل معه يؤدي إلى ضعف الشخصية. عدم اكتمال أو نقص في تحديد الهوية الشخصية في مرحلة المراهقة، هذا يؤدي إلى خلل يستمر فيما بعد، ويترجم على شكل اضطرابات تمتد في مراحل شبابه ومراحل حياته.
إذا ضعف الشخصية لهه أضرار كثيرة، فهي تضر الفرد من خلال صعوبة اتخاذ القرارات، وأيضاً عدم استقلاليته، أي الانقياد وراء الرأي الآخر دون أن يكون مقتنعاً بهذا الرأي. لا يستطيع التعبير عن رأيه.
وأيضاً لها أضرار على الأسرة
فالأسرة التي يتواجد بها شخص ضعيف الشخصية تسبب توتراً وزيادة عبء على الوالدين في الاهتمام به والتطرق إلى مشكلة التأمين على حياته، وأيضاً التوتر والمشاكل بين أفراد الأسرة وبين الإخوة.
تنشئ لدينا هنا أسرة ذات علاقات متوترة. أيضاً لها أضرار على المجتمع، الذي يقوم على الفرد. يحتاج المجتمع إلى أشخاص يستطيعون أن يقوموا بمهامهم بشكل قوي، وقدرة على تحمل المسؤولية، وقدرة على القيام بالأعمال الناجحة.
فإن وجود أشخاص ضعاف الشخصية يؤدي إلى هشاشة هذا المجتمع وظهور مشاكل فيه، كالانحراف والتسكع في الشوارع، وعدم وجود أشخاص كافية يقومون بالمهام التي تساهم في بناء هذا المجتمع.
أسباب ضعف الشخصية:
1- القمع الأسري:
من أهم أسباب ضعف الشخصية في مرحلة المراهقة هو أن يكون خاضعاً لأساليب وقوانين قاسية وصعبة جداً تمنعه من التعبير عن آرائه واتخاذ قراراته بنفسه، مما يولد لديه ضعف في الشخصية.
2- فرط الاهتمام:
إذا كان اهتمام الأسرة زائدًا في المراهق، فإنه يولد لديه ضعفاً في شخصيته، وذلك بسبب اهتمامها الزائد والمفرط بهذا المراهق، والتي تؤمن له كل احتياجاته دون عناء، وتمنعه من أن يحمل العبء أو المسؤولية التي تقع عليه.
3- البيئة المدرسية السامة:
والتي تتجلى على شكل الإقصاء والتعرض للعنف الجسدي واللفظي والتنمر، مما يؤدي إلى ضعف شخصية هذا المراهق.
4- المقارنة:
تعتبر من أكثر الأساليب شيوعاً في تكوين السمات الشخصية السلبية لدى المراهق، وهي المقارنة بينه وبين الآخرين.
5- غياب الحوار الأسري:
الذي له دور كبير في تكوين السمات السلبية في شخصية المراهق، ومنها ضعف الشخصية.
6- تراكم الضغوط والأعباء:
نعم، إن تراكم الأعباء الدراسية والضغوط النفسية والاجتماعية والأسرية عليه يؤدي إلى شعوره بالاستسلام واعتباره شخصاً غير قادر على أداء مسؤولياته.
7- غياب الاهتمام العاطفي:
يولد لديه شعور بالنقص، ومن ثم تتشكل لديه سمات ضعف الشخصية.
8- المهارات الاجتماعية:
التي تمثل في مهارات التواصل مع المجتمع الذي يحيط به، حيث إن افتقاده لهذه المهارات يؤدي إلى العزلة والانطواء،وضعف شخصيته.
9- الصداقات السامة:
التي لا تعزز لديه إلا المشاعر السلبية، إذا كانوا يقمعونه ويتسلطون عليه.
10- الأزمات الأسرية:
والمشاكل مثل الطلاق أو خلافات الأسرة تساهم في تكوين شخصية ضعيفة لدى المراهق.
11- الفشل المتكرر:
وعدم تعليمه مهارات التعامل مع الإخفاق، يتكون لديه شعور بالنقص وضعف في شخصيته.
12- فقدان أحد مهارات التواصل الاجتماعي:
مثل وجود مشاكل في النطق أو ضعف الرؤية أو السمع، كل هذا يولد لديه شعور بالنقص،وضعف الشخصية
حلول مشكلة ضعف الشخصية:
1- تعزيز الثقة بالنفس:
نقول بأن الثقة بالنفس لدى المراهق أو قوة الشخصية لديه هي عكس ضعف الشخصية. لذلك دعونا نسلط ضوء على هذه الفقرة لكي أزيد ثقة النفس لدى المراهق، علي أن أقوم بالإجراءات التالية:
أ- أن أقوم بتشجيع المراهق أن يتخذ قرارات بنفسه:
مثلاً قرارات بسيطة،ما هو الواجب الذي سيبدأ به يومه أو تصميم برنامج الدراسي لوحده، إلى قرارات أكبر مثل اختيار المجال الرياضي الذي سينتمي إليه في النادي.
ب- أخذ رأيه في المنزل عندما نطلب منه أن يتخذ قراراً بشيء ما يخص المنزل، ونقوم بتنفيذ هذا القرار.
هذا القرار سيزيد من ثقته بنفسه.
ج- بناء جسر من الحوار والتعبير عن ثقته بنفسه ومشاعره وآرائه، وذلك لتعزيز ثقة النفس وقوة الشخصية.
د- دفعه لاختيار رياضة من فنون القتال أو الدفاع عن النفس، هذا شيء سيجعله يشعر بأنه قوي ويقاوم المتنمرين ولديه ما يميزه عن غيره.
و- اعتماداً على بناء القدرات الجسدية، نضيف أيضاً بناء القدرات العقلية، أي أن ندفعه لأن يتميز بمجال من المجالات في المواد الدراسية لكي يظهر وكأنه متميز. هذا ما يدفع إلى الشعور بالثقة بالنفس وقوة شخصيته،جسدياً وعقلياً.
ي- دعوته أيضاً إلى أن يدعو رفاقه في المنزل إلى حفل لديه بمناسبة من المناسبات التي يحبها، ليكون مسؤولاً عن تقديم الضيافات وإلقاء كلمات ترحيب، والإشراف على الحفل بشكل عام.
هذا بشكل تدريجي يجعله يكسر حاجز التوتر لديه ويزيد من ثقته بنفسه.
إذاً، كلها تتشعب إلى زيادة ثقته بنفسه
2-تنمية المهارات الاجتماعية:
مثل خضوعه لدورات لتنمية مهارات التواصل الاجتماعي مع الآخرين.
3-الهوايات والاهتمامات:
مثل أن نجعله يفكر في أي من الأشياء والامور التي يهتم بها، لكي ندفعه ونوفر له الظروف لتنمية هذه الهواية لديه، وذلك لتعزيز شعوره بالثقة بنفسه وقوة شخصيته.
4-سيدتي كفي عن مقارنته بابن خالته:
نبعد عنهم مسألة المقارنات، لأنها تفقده التركيز وتجعله يشعر بالدونية والفشل.
5- تنمية نقاط القوة في شخصيته:
بعد اكتشافها، وذلك ليقوم بتقويتها.
6- اكتشاف نقاط الضعف في شخصيته:
ومحاولة ترميها دون الإلحاح
7- مهارة حل المشكلات :
من خلال وضعه في مواقف ليخضع بها للأمر الواقع في مواجهة مشكلات عليه أن يجد حلاً لنفسه بها.
8- الدعم النفسي:
وذلك من خلال إشراك هذه العمليات كلها بمساعدة مختص نفسي يمكن أن يساعده في تخطي مشاعر النقص والخوف.
دائماً ماتهب بنا رياح الحروف لتعيدنا إلى سطور الأسرة كلما طلبا الحل:
فإذا كانت الأسرة من الأسر التي تزيد من الاهتمام به بشكل مبالغ ومنعه عن خوض مجالات المسؤولية، فنقيد هذا الموضوع، لكي نترك له مساحة للاستقلالية والتعبير عن ذاته وأن يتحمل المسؤولية .
ذلك بالتدريج لكي لا يشعر بصدمة التخلي.
أيضاً، إذا كانت السياسة قمعية،فنقوم باسقاط الحكم الديكتاتوري سلميا ، فنعمل على تحريره من القيود الصارمة والمبالغ بها، لكي نترك له نفس تلك المساحة، لأن الزيادة والنقصان هما أخوان في الأثر.
إذاً، بعد تزويده بمهارات لمقاومة التنمر والدفاع عن نفسه، وتعزيز لديه الجانب الروحي نحو الإيمان بالله والثقة بالله "كن مع الله يكن الله معك".
نحاول مشاركة المعلم في الموضوع لأنه الأكثر قدرة على الاكتشاف المبكر للمشاكل لدى المراهق، مثل ضعف الشخصية، وذلك لكي نتدارك حل المشكلة في بدايتها. هذا يجعل من الحل أكثر سهولة.
أخيراً:
في النهاية، علينا أن ننظر إلى مسألة علاج ضعف الشخصية لدى المراهقين، هي مسؤولية الجميع، بداية من أفراد الأسرة إلى المدرسة إلى المجتمع ككل، لأن هذه المشكلة ليست موجودة عند شخص أو شخصين، إنما لدى الكثير من المراهقين الذين من الممكن أن يتعرضوا لهذا النقص في الشخصية، مما يجعل لدينا في المستقبل طبقة واسعة الانتشار من الشباب الذين يعانون من عدم القدرة على القيادة أو القيام بمناصب تتحمل المسؤولية وتطلب شخصيات قوية ورزينة للقيام بهذه المهام.
إذاً، في النهاية، يعود هذا بالنفع على المجتمع ككل، على المحامي ذو الشخصية القوية الذي سوف يدافع عن حق المظلوم، وعلى الطبيب الذي يتخذ القرارات المناسبة في المواقف الحرجة، وعلى المعلم الذي يختار السياسات المناسبة الأكثر إنتاجاً للتعليم، وعلى الكثير من الوظائف والأعمال التي تحتاج إلى أساس متين وترسانة متينة من الأسمنت المسلح.
نحن نحترم سياسة الخصوصية لمستخدمي موقعنا الإلكتروني، لذلك لا ننشر أي معلومات حول أصحاب التعليقات مع أية أطراف خارجية، ولا نبيع معلومات زوارنا الكرام حفاظا على حقوقهم المدنية والخاصة إيماناً منا بمبدأ خصوصية المستخدمين أولويتنا الحفاظ عليها.