القلق عند المراهق، أسبابه، والحلول
سامر، 18 عاماً، لديه امتحان علم أحياء في اليوم التالي في شهادة الثانوية العامة.
لنراقب هذا الحديث الذي دار بينه وبين والدته:
سامر: أمي، ينتابني شعور سيء.
الأم: ما هو يا سامر؟
سامر: خفقان، فقدان الشعور بالراحة، توتر، شعور سيء وقوي يدفعني إلى الغثيان، يزداد كلما تذكرت أن لدي امتحان غداً.
الأم: لا تقلق يا بني، هذا شعور طبيعي نتيجة لتفكيرك بالامتحان. هل تشعر أن سبب القلق لديك شيء أكثر تحديداً؟
سامر: نعم، هناك قسم صغير في علم الأحياء لم أدرسه، سأقوم بدراسته، ربما هذا هو السبب.
وبعد فترة، انتهى سامر من دراسة هذا القسم وشعر بأنه في مزاج أفضل وخف القلق لديه. هنا، القلق وسيلة دفاع نفسية طبيعية تجعل الشخص في حالة من التوتر والتخبط وعدم الشعور بالراحة، لا يزول هذا الشعور السيء إلا بعد أن يدفع الشخص للقيام بحل العقبة التي تقع في طريقه لتحقيق غرضه.
هنا، لولا القلق لما درس سامر للامتحان، فهو شعور طبيعي لا يحتاج لعلاج.
نعيد نفس الموقف مع حسام، لكن النهاية تختلف. عندما درس حسام الفقرة التي اعتقد بأنها هي سبب القلق لديه، لم تذهب أعراض القلق لديه، بل زادت، وأعراض القلق لديه كانت أكثر حدة وأكثر شدة. موضوع حسام هذا هو موضوع القلق الذي سنتحدث عنه اليوم.
مشكلة القلق:
أن مرحلة المراهقة التي تمتد ما بين 12 و 18 هي أكثر فترة عرضة للقلق، وذلك بسبب النقاط الأساسية التي سيمر بها هذا المراهق في تلك الفترة من تحديد الذات والهوية الشخصية والاستقلال بشخصيته، والتغييرات الجسدية والهرمونية والنفسية التي يخضع لها، ومساحة الأمان من الوقت التي يحتاج لها لكي يستوعب ما يحدث له، وانتقاله من حياة لحياة ثانية بمعالم أخرى ووظائف أخرى ونظرة جديدة لهذا العالم.
لذلك يكون القلق والخوف والتوتر وعدم القدرة على التكيف بشكل طبيعي مع المتغيرات يولد ضغطاً كبيراً وتراكماً للأعباء التي تؤدي في النهاية إلى القلق الشديد الذي لا يمكن التعامل معه إلا بطرق ووسائل مدروسة، لمساعدته على تخطي تلك المرحلة الحرجة وأسوأ أجندتها هو القلق الذي يفوق الحد اللازم نستطيع أن نقول عنه إنه هو القلق المرضي، القلق الذي يكون فوق اللازم وفهم المشكلة هو الخطوة الأولى نحو التعامل معها بفعالية وجدوى.
أسباب القلق عند المراهقين:
1- فشل الاندماج مع الأقران :
ينتاب المراهق شعور بالقلق وذلك عندما يندمج في جماعة من الأقران، والذي يتفاجأ بوجود بعض التصرفات والعادات الغريبة على تربيته المنزلية والتي عليه أن يمتثل لها وأن يتصرف معها بشكل طبيعي لكي يكون فرداً من هذه المجموعة، وإلا أصبح شخصاً غريباً، (مثلاً تعاطي المخدرات). لكن هذا يسبب ضغطاً شديداً عليه ويسبب له القلق الشديد وعدم الارتياح والفشل في الاندماج في هذه المجموعة.
2-عدم التناسب بين توقعات الأهل منه و قدراته :
رفع سقف توقعات الأهل من المراهق يجعله في حالة من القلق والتوتر بسبب خوفه من عدم تحقيق آمال وطموح أهله في إنجازه لتلك الأحلام التي لها سقف عالي يفوق قدراته، مثلاً يتأملون منه أن يصبح طبيباً ويضغط على نفسه في الدراسة بشدة، فهذا يسبب له ضغطاً شديداً جداً.
3-التغييرات الهرمونية:
في جسم المراهق أيضاً في فترة البلوغ التي تبدأ مع السنة 12 أو 13 هذه تجعله يشعر بالقلق حيال التغيرات الجسمية الجنسيةكبروز الصدر وتوسع عظام الحوض،والحيض،وصوتها الذي يصبح أكثر عمقاً، والشاب الذي تظهر على وجهه ملامح الرجولة ونمو الشاربان والصوت الخشن والانجذاب المفاجئ للجنس الآخر، كلها تسبب للمراهقين التوتر والخوف من عدم تقبل المجتمع له فيتلك الهيئة الجديدة.
4-مشاكل الأسرة:
النزاعات الأسرية، المشاكل بين الأب والأم،الانفصال، المشاكل، الجو المشحون الذي يسود بيئة المنزل ، تسبب الضغط على المراهق الذي ينتهي به الحال إلى سلسلة من القلق التي لا تنتهي بالأساليب التقليدية للتخلص من المشكلة.
5- مرحلة تكوين الذات:
يكون شديد الحساسية وعليه أعباء نفسية ووجودية كثيرة، فإضافة مشكلة إلى تلك الأعباء لوحدها بحد ذاته سوف يتعرض إلى المزيد من الضغط، فما بالك إذا كان هذا هو الخوف من الفشل؟ أي أنه وضع لنفسه هدفاً وينتابه شعور دائم بالقلق من أن لا يحقق هذا الهدف الذي وضعه.
6-التنمر:
التعرض للعنف الجسدي أو اللفظي، هذا يجعل المراهق يعاني من حالة من القلق المستمر وذلك بسبب التنمر الذي يمارسه عليه الأقران الذين يكونون أشد قوةً منه، وغالباً ما يكون ذلك في المدرسة.
7-الإفراط في اهتمام العائلة بالمراهق:
أيضاً يسبب له القلق والتوتر وذلك بسبب تدخلهم بكل صغيرة وكبيرة الذي يسبب له الإحراج وخاصة أنه أصبح يعتبر نفسه أو بالأحرى يشعر بأنه أصبح رجلاً بالغاً أو فتاة بالغة، فمن المحرج أن يكون عرضة للاهتمام الذي يليق بالأطفال الصغار أكثر.
8- التهميش الأسري:
عدم اهتمام الأسرة بالمراهق يجعله أيضاً عرضة للقلق وذلك بسبب عدم الاصغاء له رعدم السماح له للتعبير عن مشاعره وعن ذاته، هذه النقطة التي هو بأمس الحاجة لها في الأسرة الحاضنة الأولى للمراهق في تلك الفترة.
9- العالم الافتراضي :
الذي تضعه فيه برامج التواصل الاجتماعي، التناقض بين الواقع وبين العالم الافتراضي يجعله في حالة من التناقض والإحباط حين يصدم بالعالم الحقيقي
10- إدمان المخدرات :
يتعرض المراهق في هذه الفترة إلى مشكلة التعرض لإدمان المخدرات، وهو الذي يسبب له القلق والتوتر الدائم بسبب التدخل الكيميائي السلبي في المواد الكيميائية في دماغه، وذلك بسبب دافع الفضول الذي ينتاب المراهق في تلك الفترة الذي يجعله يجرب كل شيء يدفعه فضوله للرغبة في اقتحامه وتجربته.
11- القلق اليتيم:
دون أي أسباب مما نعرفها ،إنما حبكة كيميائية تسبب له الشعور بالقلق مثل الأمراض النفسية كالقلق القهري، الوسواس القهري، والتوتر والأرق وعدم القدرة على النوم جيداً، وكله أمراض تحتاج إلى المعالج النفسي أو الطبيب النفسي لاستخدام بعض الأساليب النفسية التربوية أو العلاج الكيميائي للتغلب على هذه المشاكل.
12- التفاضل الوراثي :
بعض المراهقين تكون لديهم قابلية للإصابة بالقلق أكثر من غيرهم وذلك كون أحد أفراد أسرتهم مصاب بالقلق، كأن يكون قلق موروث من الأب أو الأم أو أجداده من طرف الأب أو الأم، فإن كان الأب مصاباً بالقلق الشديد المرضي فإن هذا المراهق هو أكثر عرضة للقلق، هذا الجين يمكن كبته ويمكن إتاحة المجال له للتغطرس على باقي المشاعر.
الحلول أو أساليب التعامل مع القلق:
1-الأسرة :
البيئة الأسرية الايجابية التي تتيح للمراهق بأن يعبر عن مشاعره وعن ذاته و عن استقلال شخصيته ،وأن يبوح لهم مخاوفه والأسباب التي تسبب له القلق، لمجرد التحدث عن الأمور هذه أو وجود لديه عائلة تسمع وتصغي له هذا من الممكن أن يهدئ أو أن يخفف من حدة أعراض القلق.
2-ممارسة الأنشطة الرياضية:
فلا خلاف على أن الرياضة تسبب في إفراز هرمونات تساعد على تعديل المزاج والتخلص من مشاعر التوتر والقلق التي تصيب المراهق(كالجري السريع)
3- هدف واقعي:
يستطيع تحقيقه بدلاً من أن يشطح في الخيال ليصل إلى هدف مستحيل تحقيقه ليضعه فقط في حالة من والتوتر والخوف والكوابيس التي تنتابه مرارا وتكرارا،نتيجة عبور الجسر قبل وصوله
4-خفض سقف التوقعات :
في حال كانت اعلى من قدرات المراهق بشكل مبالغ به وهذا لا يعني الحد من طموحهم به إنما التقارب بين السقف وقدراته.
5-النوم الكافي:
وسائل التواصل الاجتماعي النصيب الاكثر في اغتصاب وقت راحته ،و السهر الكثير،فيجيب تنظيم برنامج يحفظ للنوم حقوقه،فالنوم الجيد يحمي المراهق من التعرض للقلق.
6- الحد من استهلاك المنبهات :
وذلك لأنها تحتوي على ماده الكافيين وهي مادة كيميائية منبهةللجهاز العصبي تسبب التوتر والقلق وسرعه ضربات القلب ،توجد في القهوه والشاي والمشروبات الغازيه ومشروبات الطاقه و بعض الاطعمه والشوكولاه، وخاصة في في المساء لانها تسبب الارق وعدم القدره على النوم.
7-التسلح بالاستراتيجيات المضادة:
من دورها تمكن المراهق من المعالجة ذاتياً لأسباب القلق التي يتعرض لها.
8- العلاج نفسي:
يساعده في التغلب على المشاعر التي يتعرض لها المراهق في تلك الفترة.
9- تفعيل دور المدرسه والمعلم :
الذي من الممكن أن يكشف عن الأعراض المبكره للقلق وذلك لاستدراكها وعلاجها بوقت مبكر هذا يجعل من حل مشكلة القلق لدى المراهق أكثر سهولة.
10- وضع حد للمتنمرين:
تقوية شخصية المراهق وأن ايتدعى الأمر إدخال الأهل و الاستعانة بالمدرسة والمعلمين للتخلص من الأشخاص الذين يمارسون عليه التنمر.
أخيراً:
تعتبر المراهقة من المراحل الحساسة جداً، وأي نوع من المشاعر السلبية يكون بشكل مضاعف في هذه المرحلة ومبالغ به عن باقي الفترات وذلك بسبب التغييرات الهرمونية والنفسية والجسمية التي يتعرض لها، لذلك على المراهق أن يكون في بيئة أسرية محصنة يتلقى الرعاية منها وذلك لتخطي تلك المرحلة الصعبة، وأيضاً المدرسة والمعلم الذي لديه الفرصة في الاكتشاف المبكر لأعراض القلق لدى المراهق واكتشافه بشكل مبكر يساعده في التخلص من أعراض القلق وحل المشكلة في بدايتها. التثقيف العام بالنسبة للأهل والإصغاء له وشرح له الكثير من المجالات الجديدة التي سوف يتعرض لها ويهتم بها بسبب العالم الجديد الذي دخل إليه هذا يسبب له الشعور بالراحة لأن الإنسان هو عدو ما يجهله والمراهق يشعر بالتوتر وخاصة الإناث من هذه المشاعر الغريبة التي باتت تنتابها اتجاه الجنس الآخر وذلك نقول بأن المراهق هو مسؤولية المجتمع ككل.
نحن نحترم سياسة الخصوصية لمستخدمي موقعنا الإلكتروني، لذلك لا ننشر أي معلومات حول أصحاب التعليقات مع أية أطراف خارجية، ولا نبيع معلومات زوارنا الكرام حفاظا على حقوقهم المدنية والخاصة إيماناً منا بمبدأ خصوصية المستخدمين أولويتنا الحفاظ عليها.