📁 آخر الأخبار

مشكلة اللامبالاة عند المراهقين

 اللامبالاة لدى المراهق: أخطارها، أسبابها، والحلول 



المقدمة


من المؤكد أنك سمعت عن كتاب "فن اللامبالاة" وفهمت أن اللامبالاة هي شيء إيجابي. لا، أبداً! فكتاب "فن اللامبالاة" يقصد أن ينتبه الإنسان إلى الأمور الجوهرية والمهمة في حياته، وأن يتخلص من آثار الأمور التي تشكل أعباء نفسية وفكرية واجتماعية يفرضها المجتمع، وهي أمور فارغة لا جدوى منها.


تشكل مشكلة سلوكية لها أضرارها في عمر المراهقة، الذي يمتد من 13 عاماً إلى 20 عاماً تقريباً. تكون لها تأثير سلبي في حال لم يتم التعامل معها بشكل صحيح. ففترة المراهقة هي فترة حساسة جداً وتظهر بها الكثير من المشاكل النفسية والسلوكية التي تعيق تقدم المراهق في مسارات تكوين الشخصية والذات واستقلاليته. إذاً، اللامبالاة كمشكلة سلوكية تجعله يتجاهل المسؤوليات ولا يهتم بالنتائج، إن كانت سلبية أم إيجابية. لا يوجد دافع داخلي لديه، وأيضاً قلة الحماسة تجاه المستقبل، فلا يهتم بشيء في هذه الدنيا، ولا يهتم بمستقبله، ولا يهتم بالنتائج، ولا بأي أمر يتعلق بهذه الأمور. هذا ما يثير القلق لدى الأهل والمعلمين والمدرسة، وذلك بسبب هذه المشكلة التي ربما تستمر لديه.


غالباً ما تكون المشكلة عابرة، تنتهي مع انتهاء فترة المراهقة لدى الإنسان، ولكن أحياناً تبقى كلاليب المشكلة متعلقة بالإنسان إلى مرحلة النضج.


 طرح المشكلة:


تأتي هنا اللامبالاة كائق كبير، لأن كل ما يحتاجه المراهق هو إثبات هويته وتأسيسها في فترة المراهقة. تقوم اللامبالاة بسحقه ورميه خلف ظهره. إذاً، هنا اللامبالاة خطر عام على كل النقاط الحساسة التي من المفترض أن يقوم بها المراهق في هذه الفترة. اللامبالاة ليست عبارة عن سلوك سلبي فقط، إنما هي اضطرابات وتناقضات عاطفية وفقدان المراهق ثقته بنفسه.


 أخطار اللامبالاة في المراهقة


1. التأثير السلبي في تكوين الهوية.

2. تعيقه في إثبات ذاته.

3. تؤثر على التحصيل الدراسي سلباً.

4. تؤثر على تشكيل الصداقات.

5. الإدمان على المخدرات.

6. فقدانه الاستراتيجيات الخاصة للتعامل مع الفشل.

7. عدم تحمل المسؤولية.

8. الوحدة والعزلة.


 رابعاً: أسباب المشكلة


1.الاضطراب البيولوجي:

 بسبب الهرمونات التي تتغير في مرحلة المراهقة، يتعرض للتخبط مما يجعله في حالة من الإهمال العاطفي والنفسي الذي يؤثر على تحديد الأهداف والهوية والذات المرتبطة في مرحلة المراهقة.


2. فقدانه للاهتمام من الأسرة: 

بسبب تفككها وعدم اهتمامها به، يؤدي إلى اللامبالاة وعبثية أهدافه.


3. غياب القدوة الحسنة: 

فقدان المراهق في هذه الفترة النموذج المثالي الذي يقتدي به، يؤدي إلى ضياعه وعدم تحديد خطوط أهدافه وسلوكه في هذه الفترة.


4.العالم الافتراضي:

 بسبب الإفراط في الانغماس في مواقع التواصل الاجتماعي، يؤدي ذلك إلى اللامبالاة وعدم الاهتمام في كل ما يحصل من حوله أو يفوته في هذه المرحلة.


5. التنمية البشرية:

 التأثير السلبي للأفكار الشائعة التي تبثها موارد التنمية البشرية والأفلام في التلفزيون والرسائل الإعلامية، حيث أن النجاح لا يعتمد على الجهد الدراسي، إنما يعتمد على استغلال الفرص. هذه فكرة خاطئة، لأن المراحل الدراسية تقوم على تمرين العقل على مستويات عالية من التفكير والذكاء والتحليل والإدراك والقدرة على حل المشكلات.


6. عدم تقبله للفشل:

 في فترة المراهقة، من المفروض تعليم المراهق أساليب واستراتيجيات للتعامل مع الفشل على أنه مرحلة. أما المراهق الذي لا يملك هذه الاستراتيجيات ويعاني من الفشل المتكرر، تصبح اللامبالاة مهرباً له.


7. عدم المساواة في الأسرة: 

إذا قام الأب بتمييز أحد الأبناء على الآخر، يخلق لدى المراهق اللامبالاة نتيجة لفقدانه الاهتمام أو شعوره بأنه لا يستحق أن يكون محط طموح الأب، مما يؤدي إلى فقدان الثقة بنفسه.


8. الصورة السلبية لدى الأهل تجاه العلاج النفسي:

 حيث يعتبرون أن كل من يتعرض للعلاج النفسي هو مجنون. وهذا يمنع الأهل من اللجوء إلى المعالج النفسي لمعالجة وتحديد أسباب اللامبالاة والتعامل معها.


9. عبثية حياة المراهق: 

حيث يرى حياته بلا هدف، مما يدفعه إلى اللامبالاة.


 حلول المشكلة


تبدأ الحلول من الأسرة، وذلك من خلال:


1. تجنب الردود السلبية على المراهق: عندما يطرح المشكلات التي يعاني منها، ويعبر عن مشاعره وعن ذاته، وذلك لكي يقدم المراهق على الاستمرار في التعبير عن ذاته وعن أسباب اللامبالاة لديه. يتيح الفرصة للأسرة لمساعدته.


2. دور الأب كقدوة حسنة:

 للأب دور مهم في حياة المراهق، لأنه يعتبره القدوة التي يقتدي بها. فإن كان الأب متسكعاً وعبثياً، فمن الطبيعي أن يكون المراهق نسخة طبق الأصل عنه. لكن إذا كان قدوة حسنة، يعمل بجد ويحقق نجاحات في أعماله، ويسعى إلى أهداف ويحققها، فإن ذلك يؤثر إيجابياً في نفسية المراهق، مما يدفعه إلى تحديد أهداف وخطوط متشابكة واضحة لتحقيق الأهداف التي تلزمه في فترة المراهقة.


3. اللامبالاة ليست فقدان القدرة: المراهق يمتلك القدرة على تحقيق كل المتطلبات الأساسية والنقاط الهامة التي يتوجب عليه تحقيقها في مرحلة المراهقة، مثل الاستقلالية وإثبات الهوية وتبني الأفكار والمبادئ والخطوط الرئيسية في تحديد شخصيته وأهدافه.


4. إعادة النظر في صورة العلاج النفسي: 

على الأسرة إعادة صياغة الصورة المسبقة التي تأخذها عن العلاج النفسي، وذلك من خلال اللجوء إلى المعالج النفسي للحصول على مساعدته في تحديد النقاط الأساسية والمحاور الرئيسية في معالجة المشاكل التي يعاني منها والتي تكون السبب الرئيسي في لجوئه إلى المشكلة السلوكية المدمرة وهي اللامبالاة.


5. تحديد الأهداف:

للمراهق، من أجل خلق الدافعية لديه للاستمرار في السعي والاجتهاد للحصول على هذه الأهداف أو تحقيقها. على تحقيق تلك الأهداف شروط أن تكون واقعية وقابلة للتحقيق، وألا تكون شروطها تعجيزية، وأن تتناسب مع قدرات المراهق. كما يجب أن تكون مقسمة إلى نوعين: الأهداف بعيدة المدى والأهداف قريبة المدى. الأهداف القريبة المدى مثل المكافأة والتعزيز في النشاطات التي ينجح فيها المراهق، أما الأهداف بعيدة المدى فتكون بعد انتهاء فترة المراهقة، مثل أن يصبح طبيباً أو أن يختار الفرع الأكاديمي الذي يفضله.


6. تعليم المراهق أساليب اتخاذ القرار: وتحمل مسؤوليات قراره، والتخلي عن التواكل ورمي أسباب الفشل على الآخرين. هذا يؤدي إلى اتخاذه القرارات بنفسه وأن يكون مسؤولاً عنها، والتخلص من اللامبالاة التي كان يلجأ إليها كلما تعرض لموقف يستلزم اتخاذ قرار.


7. تعزيز القيم والهوية الذاتية: والتي تعتبر من أهم النقاط التي ترسم الحدود الواضحة لشخصية المراهق مستقبلاً.


8. تعليم المراهق قيمة العمل والصدق والانتماء: 

يزرع داخله شعوراً بالمسؤولية


9. تفعيل دور المدرسة:

 في حياة المراهق، وذلك لتخليصه من لامبالاته من خلال فتح جسر من الحوار والثقة بين المعلم والمراهق. دور المعلم هنا يأتي في الاكتشاف المبكر عن اللامبالاة لدى المراهق، وذلك للجوء إلى أساليب مقاومة هذه السمة السلبية التي يتعرض لها المراهق والوصول إلى الحلول وتطبيقها في مرحلة مبكرة مما يجعل من نجاحها أكثر فعالية.


10. تسليح المراهق بالتفكير النقدي:

 لأن وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية يمكن أن يستفيد منها من خلال الاطلاع على الثقافات الأخرى وتثقيف نفسه وزيادة قدراته العقلية والإدراكية في دراسة الأبحاث والاطلاع على الكثير من المواد المهمة والهادفة التي تفيد المراهق في هذه المرحلة. التفكير النقدي هنا يجعله يتجنب هدر الوقت في الاستهلاك السلبي لمواقع التواصل الاجتماعي.


الخاتمة

اللامبالاة من المشكلات السلوكية الخطيرة التي يتعرض لها المراهق في هذه الفترة الحساسة، وذلك لأنها مشكلة صامتة. حيث إنه بسبب عدم اكتراثه بهذه المشكلة، فهو بالأساس لم يهتم بإعلام أحد بما يتعرض له من مشاكل تعيق أهدافه في مرحلة المراهقة، كتحديد الاستقلالية وتأكيد هويته، ووضع هدف واقعي لحياته، والكثير من المسارات التي لا يهتم بتحديد الاستراتيجيات الواقعية التي تمكنه من تحقيقها. هذا يؤدي إلى الفشل في التخلص من اللامبالاة. لذلك، علينا التدخل دون الطلب منه، وذلك في تفعيل دور الأسرة والمدرسة والمجتمع والعلاج النفسي. يجب أن نغوص في مفاصل اللامبالاة وثناياها لدى المراهق للاضطلاع عليها دون طلب منه، لأنه بالأساس لن يطلب المساعدة بسبب إهماله لهذه المشاكل وعدم اهتمامه بحلها.

pedagogy7
pedagogy7
معلم مجاز في التربية وعلم النفس بالأضافة إلى دبلوم تأهيل تربوي من جامعة حلب. العمل الحالي قي مجال التربية في ميونخ
تعليقات