مهارة التواصل الاجتماعي عند المراهق، المشكلة، الأسباب والحلول
المقدمة:
مهارات التواصل الاجتماعي هي القدرة على التفاعل مع الآخرين، وذلك من خلال التواصل اللفظي وغير اللفظي (لغة الجسد)، فهم الإشارات غير اللفظية، وأيضاً القدرة على الاصغاء وتلقي هذه المعلومات؛ إذاً هي عبارة عن إرسال وتلقي، والتعبير عن نجاح تلقي هذه المعلومات عن طريق مهارة الاصغاء. أي إنها لا تقتصر فقط على الاتصال بالشخص الآخر، إنما أيضاً تشمل المتلقي حين يعبر بملامح الاصغاء أن المعلومة أو المشاعر التي أُرسلت له بإحدى مهارات التواصل الاجتماعي قد وصلته.
ماهي أهمية مهارات التواصل الاجتماعي؟
لا بد لنا من التطرق إلى أهمية هذه المهارة في المجتمعات الإنسانية؛ وذلك لأنها على مستوى عالٍ من الوعي والذكاء، وتحتاج إلى اكتساب مهارة للنجاح في إرسال واستقبال هذه المعلومات أو الإشارات.
مهارات التواصل الاجتماعي تقسم إلى قسمين: التواصل اللفظي والتواصل غير اللفظي.
- التواصل اللفظي:
عندما أقوم بالتحدث، فأنت تسمعني وتصغي إليَّ...
- التواصل غير اللفظي:
تقع تحت ما يسمى بلغة الجسد (التواصل عن طريق حركة الجسد).
في يومٍ من أيام امتحانات الشهادة الثانوية، كنت مسؤولاً عن المراقبة في قاعة امتحانات. أتجول بين الطلاب، لاحظت بأن طالباً يقوم بالإشارة برأس قلمه إلى جواب من الأجوبة. إذاً هو تواصل معي عن طريق لغة الجسد. هناك عدة أجوبة لهذا التواصل، وأنا سأقوم بالتواصل الجسدي معه بشكل دقيق؛ لأننا في موقفٍ حساس. طلب مني أن أومئ برأسي إن كانت هذه الإجابة صحيحة. الإيماء بالرأس إلى الأسفل (يعني نعم)، وسيفهم أنها الإجابة الصحيحة. الإيماء بالرأس إلى الأعلى (تعني لا)، وسيفهم أنها إجابة خاطئة. أنا لم أكن منتبهاً إلى الأسئلة، ولم أكن مخولاً لقراءتها، ولا أريد أن يصدر مني شيء يعتمد عليه في اختيار هذه الإجابة أو لا؛ لكي لا أتسبب له بأن يخسر هذه العلامة. فماذا كان عليَّ أن أفعل؟ حتى الصمت يعتبر من مهارات التواصل الاجتماعي؛ لأنه غالباً يعتبر نقيض الكلام الذي يرفض، فالصمت هو عبارة عن القبول. لذلك قمت بإعطائه معنى دقيقاً وواضحاً دون أن يظهر عني ولا حرفٌ واحد. أشحت بنظري عنه فوراً إلى الأمام بشكل أفقي، وصلته مني أول رسالة: إني لم أقرأ السؤال. ثم قمت بهز رأسي بهدوءٍ يميناً وشمالاً معبراً عن رفض الرد على التواصل والرسائل التي أرسلها إليَّ بلغة الجسد. فإذاً هنا كان موقفاً قد تم التواصل فيه بشكل دقيق جداً عن طريق مهارات التواصل غير اللفظية.
أما التواصل اللفظي أيضاً هو بالكلام، لكن ليس فقط الكلام يعبر عن معنى ومقصد هذا التواصل. فأنا مثلاً الآن أستطيع أن أوجد صوتاً في عقلك، كأنه يقرأ ما أكتبه لك الآن، لكنك لن تفهم قصدي. افترض هذا الموقف: (رجل يقف متجهاً نحو الشارع، ووقف خلفه رجل آخر، وقال له: "من الجهة اليمنى السوق"). كونك الآن تواصلت معك بالكلمات، لم تستطع أن تجيب أو أن تعبر عن نجاح الاصغاء. لكن في الواقع، هذا الرجل أمام حالتين من التعبير عن الاصغاء دون أن ينظر إليَّ. كيف سيعرف؟ ما لا تعرفه أنت ونفس الكلام موجهٌ لك وله. هو سيعرف في الحالة الأولى سيعبر عن مهارة الاصغاء، فيجيب بشكل صحيح ويقول: "نعم سيدي، تفضل هل أساعدك بشيءٍ؟". وكان جوابه صحيحاً. نفس الجملة تكرر الموقف: ("من الجهة اليمنى السوق") سيعبر عن طريق مهارة الاصغاء بنجاح استقباله للتواصل معه، وسيجيب بشكل صحيح: "أعرف، شكراً لك سيدي". وهنا أيضاً كان جوابه صحيحاً، وأنت قارئ لن تستطيع تحديد الجواب. لماذا؟ لأنه حتى في التواصل اللفظي نقوم بإرسال الرسائل للتواصل مع الشخص الذي أمامنا بغلاف النبرة، وهو سوف يفهم هذا التواصل اللفظي عن طريق الغلاف الذي سوف يحدد الجواب الصحيح الذي قد يختلف من مرةٍ لأخرى، وتكون نفس الكلمات موجهة إليه.
إذاً التواصل اللفظي – حتى نبرات الصوت – مهارات تواصلٍ اجتماعي تتشكل لدى المجتمعات الإنسانية عن طريق تراكم الثقافات والتعامل مع المحيط والمجتمع وأفراد الأسرة والكثير من الفئات والبيئات الاجتماعية التي تختلط بها وتتواصل معها عن طريق كافة قنوات الاتصال. لكن هل أقول لك بأني أنا الآن لا أتصل بك؟ نعم، أنا أتصل بك عن طريق الحروف، لكن ليست بالدقة التي تكون فيها عندما تتلقاها مسموعةً مني وجهاً لوجه. بل قد أوجدت اللغة العربية إشارات ترقيم واستفهام تعبر عن هذه الكلمات، وتجعلك تنجح بالاصغاء لتجيب الجواب الصحيح. فلو أنني في الجملة الأولى حين قلت: "السوق من الجهة اليمنى؟" ووضعت إشارة استفهام، أنت هنا ستفهم عليَّ ليس من نبرة الصوت بل من الرمز الكتابي. وأيضاً لو أنني لم أضعها وتقصدت ذلك، أيضاً ستفهم من خلال عدم وجود هذا الرمز. إذاً مهارات التواصل الاجتماعي غنية وممتعة، وتساعد الإنسان على أن يثري تواصله اللفظي بالإضافة إلى تسليحه بأدوات تحديد دقيقة، ومنها إرفاق التواصل اللفظي بنبرة الصوت وارتفاعه بنوعه. التواصل البصري أثناء لفظ هذه الكلمة يعطيها معنى أدق، بالإضافة إلى التواصل من خلال لغة الجسد، إشارة اليد، تواصل عن طريق حركة الرأس، إيماءاته، حركة الحاجبين. هذه قنوات الاتصال والمهارات من لغة الجسد والتواصل البصري قد تغير معنى التواصل اللفظي والكلام نفسه من حالٍ إلى حال، وتجعل من يصغي إليها يجيب بكل حالٍ جواباً دقيقاً مرتكزاً على لغة الجسد ونبرة الصوت والتواصل البصري الذي جعله ينجح في الاصغاء.
الطبيعة الاجتماعية للإنسان هذا لا يكلِّفها عناءً، إنما شكلٌ طبيعي من أشكال مهارات التواصل الاجتماعي التي يمارسها يومياً مع جميع الأفراد من كافة الطبقات وعن طريق كافة العناصر. لذلك من خلال هذا التركيب العفوي والمتداخل، نستطيع أن نعبر عما بداخلنا بشكلٍ دقيق. ربما تعجز الكلمات عن وصفه. ربما أنا بإيماءةٍ واحدة من حاجبي أعبر عن جملةٍ تملأ أربعة أسطر. وذلك أعطى مهارات التواصل الاجتماعي هذه الأهمية للإنسان الذي يكتسب المعارف والخبرات، والذي يعرف عن طريق الاصغاء بأن رسائله قد وصلت بالشكل الصحيح؛ لأن الاصغاء أيضاً من مهارات التواصل الاجتماعي: التعرف على الناس وعلى مشاعرهم، مواقفهم، على انفعالاتهم، على آرائهم، تلقي المعلومات وإرسالها، والتعبير عن استقبالها والنجاح في الاستجابة لها أو رفضها، واكتساب الكثير من الخبرات الاجتماعية التي تجعل الفرد ينخرط في المجتمع ويصبح منه وفيه، لا يواجه أي مشكلةٍ ولا أي عائقٍ يمنعه من هذه البيئة والعلاقة الناجحة بها: المعلم، فرد الأسرة، الأب، الأم، الأصدقاء، الأقران، الأقارب، الزملاء في الصف، وجميع طبقات المجتمع. ونحن نعرف بأن الإنسان يتعلم ويبني شخصيته بشكلٍ تراكمي عبر الأيام والشهور والسنين. يبدأ من بيئةٍ أسريةٍ منخرطٍ بها إلى المدرسة، الشارع، الجامعة، الأماكن العامة، السوق، أماكن التجارة، العمل. يستطيع أن يشكل ما يحتاج من ترسانةٍ متينةٍ تبني ذاته وتحدد هويته وتزيل الضبابية التي تهمش مساحته. إلى الآن ليس لدينا مشكلة.
المشكلة:
تتجلى المشكلة بأوضح ملامحها في فترة المراهقة. لماذا؟ لأن فترة المراهقة التي يمر بها الإنسان يخضع فيها لتغييراتٍ هرمونيةٍ ونفسيةٍ وعاطفيةٍ وبيولوجيةٍ تجعله يكون حساساً بشكلٍ فعالٍ لكل ما هو حوله، والاستجابة تكون بشكلٍ مبالغٍ به لأي محفز. وفي نفس الوقت يجد نفسه انتقل من عالم الطفولة التي لا تهم هذه التفاصيل إلى عالمٍ يطلب منه أن يحدد هويته نابعاً من إرادته الشخصية: أن يثبت ذاته، أن يبني أفكاره، أن يعبر عن مشاعره، عن رغباته، عن رفضه، عن قبوله، أن يبني شخصيته التي سيكمل عليها بقية حياته. كيف المراهق سوف يتعلم كل هذه الأمور وينجزها ويثبتها وهو في حالةٍ حساسةٍ جداً عن طريق مهارات التواصل الاجتماعي؟ فتواجهه المشاكل؛ لأنه في حال لم يستطع إيجاد كلماتٍ تعبر عما في داخله من مشاعر، سوف ينفجر بالبكاء؛ لأنه حين يعطي ردَّ فعلٍ خاطئةٍ سيشعر بالإحراج. قد يتعرض لمواقف قاسيةٍ تؤثر فيه وبصحته النفسية. فتاةٌ قد تقضي ليالٍ طويلةٍ وهي تبكي بمجرد أنها نطقت بكلمةٍ محرجةٍ أمام الفصل، فشعرت أنها إنسانةٌ غبيةٌ بسبب عدم حسن انتقائها للكلمة في هذا الموقف. هكذا يفكر المراهق، فتخلق لديه تجارب قاسيةٍ ذات أثرٍ نفسيٍ مؤلمٍ و"كلاليب" لا يستطيع التخلص منها، فيلجأ إلى الانطواء، إلى التوتر، إلى الحزن والخوف والرهاب الاجتماعي، ثم الانسحاب والانطواء. وبذلك فشل هذا المراهق بثورته بمشروعه الكبير في تكوين ذاته؛ لأن الوسائل الأساسية قد فشلت معه. لماذا؟ نحن لم نقل إن الإنسان تبدأ معه من غرفته إلى بقية طبقات المجتمع، بل قلنا من بين أفراد أسرته؛ أي إنه يجب أن يكون لديه ذخيرةٌ من هذه المهارات التي تؤهله للدخول المبدئي والتمهيد، وتجنب الالتباس أو العجز عن التعبير أو ردات الفعل الخاطئة. حتى الاصغاء يخشون ألا يجيدونه أو ألا يستطيعون التعبير عن نجاح استقبال الرسائل الموجهة لهم، فينسحبون.
ما به كان طفلاً يتلقى الضرب والكلمات والشتائم ويضحكون عليه ويستفزونه وهو سعيدٌ ويضحك؟ لا مشكلة لديه. المشكلة أن العتبة أو درجة الاستجابة للمثيرات شديدةٌ جداً بسبب التغيرات التي طرأت على المراهق. لماذا على المراهق أن يتعرض لهذه المشاكل؟ أليس هو فردٌ من أفراد المجتمع؟ نعم، ليس الكل، بل نادراً ما نجد أن هناك مراهقون يفشلون في التواصل الاجتماعي لأسباب.
أسباب المشكلة
1. سببٌ لم ينوِ أن يكون سبباً:
وذلك هو الاعتماد المفرط على التواصل الرقمي الافتراضي عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي التي يلجأ إليها المراهق بسبب الرهبة لديه من مواجهة الآخرين، فيتواصل معهم عن طريق الحروف والكلمات والرسائل النصية. لكن متى ما جاء اتصالٌ (مكالمة فيديو) يهرع ويهرب؛ لأنه لم يعتد على التفاعل والتواصل مع الناس عن طريق اتباع مهارات هذا التواصل المختلفة والمتنوعة. مثلاً: عندما طرحت عليكم الجملة، أنتم فشلتم وأنا كدت أفشل في إيصال المعنى لكم. فهذا يؤدي إلى جعل مواقع التواصل الاجتماعي – التي هي من وسائل ومهارات التواصل التي لها فوائدٌ كبيرةٌ – سبباً في عزل هذا المراهق عن المجتمع وعن تعلم بقية مهارات التواصل. هنا يظهر لدينا الشرخ بين مهارات التواصل الاجتماعية الحقيقية التفاعلية والتواصل الرقمي الذي مع الأيام تضيق هذه الفسحة إلى أن يصبح هذا المراهق غير قادرٍ على أن يدير حديثاً أو يوجه سؤالاً أو أن يظهر حتى لأحدٍ؛ بسبب عدم تعلمه وانخراطه واقتصاره على نوعٍ واحدٍ من مهارات التواصل الاجتماعي.
2. كالعادة: غياب الحوار:
الذي يقوم أساساً على القنوات الأساسية التي يستند إليها نظام التواصل الاجتماعي. جهلٌ منهم أو تولية شيءٍ أهم من شيءٍ، وهو التركيز على تحصيله الأكاديمي فقط ولا يركزون على الجانب الاجتماعي والنفسي لهذا المراهق. وفي النهاية يقولون: "نريد منك أن تصبح إعلامياً". كيف سيعبر عن مصطلحٍ عن فكرةٍ عن جملةٍ عن موقفٍ؟ كيف سيبدي ملامح؟ كيف سيرسل لجمهورٍ كاملٍ إشارةً توحي بمعنىً واضحٍ؟ وهو يعيش في هذه الأسرة التي سببت له منذ اللحظة الأولى في انخراطه في المجتمع إلى مشاكل أدت إلى وقوعه بمواقف محرجةٍ، ويذكر دائماً هذه المواقف فيعزف عن التواصل ويرجع إلى الانسحاب الاجتماعي وتجنب النقاشات الجماعية، وحتى الخوف من الاصغاء. هو مطلوبٌ منه أن يكون كذا ويحدد كذا عن طريق ماذا؟
3. انهيار وتد الثقة:
نعم، المراهق حين يفقد ثقته بنفسه ويشعر بأنه غير مرحبٍ به اجتماعياً، تصبح أجواء النقاشات والحوار وتبادل الآراء مناخاً يشكل خطراً عليه. فيذهب بسبب موقفٍ ما لم يستطع التخلص من آثاره السلبية، لم ينس وجوهاً سخرت منه تضحك من الكلمات التي قالها في مكانها، الارتباك الذي بدا عليه. فيؤدي إلى فشله في النهاية في الانخراط، ويعود للانسحاب مع تراكم الضغوط والجروح النفسية لديه.
4. الأثر النفسي الناتج عن صورة شكله:
يشعر بأن ظهوره للناس أو دفع الناس لكي يشيحوا بأنظارهم عنه حين يتحدث؛ أن منظره سوف يسبب الأذى البصري لهم. فهذا يسبب له دماراً نفسياً شاملاً دون وجود علاجٍ ورعايةٍ.
5. الأمراض النفسية:
ومنها مثلاً: التوتر، القلق، الخجل الاجتماعي، رهاب الميادين، الرهاب الاجتماعي. هذا كله يسبب لديه ردَّ فعلٍ عكسيةٍ سلبيةٍ حين يتعرض إلى مواقف اجتماعيةٍ تفرض عليه أن يتحدث أو حتى أن يصغي؛ بسبب التوتر الذي يصيبه ويهز أركانه. يتلعثم ولا يجيد حتى نطق الحروف، ثم سخريةٌ وتنمرٌ، والانسحاب الاجتماعي.
6. عجز المراهق أن يحول مشاعره إلى حروفٍ مرئيةٍ أو مسموعةٍ:
هل تذكرون فقرة التعبير الشفوي في الكتاب المدرسي التي تخطاها المعلم؟ لولا لم يتخطاها لاستطاع هذا المراهق أن يعبر عما في داخله. وذلك حين لا يستطيع المراهق أن يختار الكلمات التي تعبر أو تفي بالغرض لتمثل الحالة أو المشاعر التي يعيشها. نتيجةً لهذا الكبت لهذه المشاعر السلبية التي لم يجيد صنع جسرٍ لها إلى الخارج، تنفجر بداخله وتظهر على شكل انهيارٍ، اكتئابٍ، نوبات بكاءٍ، وخاصةً الفتيات.
7. غنى وتعدد مهارات التواصل الاجتماعي:
أدى إلى وجود ترتيباتٍ وقواعدٍ اجتماعيةٍ لا يمكن أو لا يسمح لأحدٍ التعدي عليها. فيصبح من الصعب على المراهق أن يجاري هذه القواعد والتفاصيل غير الواضحة: متى عندما يجلس مع شخصٍ سيقول له "نعم"؟ متى سيقول له "صدقت"؟ متى يقول له "شكراً"؟ هل يقاطع حديثه أم لا؟ لا يستطيع، فينسحب من هذه الجلسات التي من المفترض أن تكون هي الدروس التي يتعلم منها.
8. اللكنات:
بالنسبة للغة العربية، فبعض الدول نحن لا نفهم ما يقولون رغم أنهم يتحدثون عربي ونحن نتحدث العربية. فحين يظهر إلى التلفاز ويتحدث بلهجة دولته، يتم ترجمة كلامه وكأنه يتحدث الإنجليزية. وهذا التباين يكون أيضاً بين المدن في نفس البلاد، بين القرى؛ مما يؤدي إلى امتلاك كل تلميذٍ بعضاً من الكلمات الغريبة التي يستخدمها، فيثير ذلك استهزاءً من حوله وتنمرهم عليه والسخرية من طريقة كلامه.
9. بعض المراهقين لديهم مشكلات في مخارج الحروف:
تسبب له الإحراج حين لا يجيد نطقها.
10. الضغوط الدراسية.
11. الضعف في المعلومات والثقافة العامة:
فيخشى أن يقول شيئاً خاطئاً ويتعرض للنقد.
والكثير من الأسباب. دعونا نعالجها.
ماهي حلول مشكلة ضعف قدرات التواصل الاجتماعي:
1. تفعيل دور الأسرة:
لأن هذا المراهق فقد جميع الوسائل التي سوف يكتسب فيها الأشياء التي تكون شخصيته، فيتدمر. لذلك على الأسرة أن تدربه وتدير الحديث والحوار، وأن تجعله يخوض نقاشاتٍ والتعريض للمواقف والتعبير عن مشاعره؛ لكي يصبح لديه قدرةٌ في صياغة الكلمات التي تطابق أحاسيسه. هذه المسؤولية الأولى على المدرسة الأسرة التي كان من المفروض أن تقدمه للمجتمع كمراهقٍ بذخيرةٍ تعطيه من مهارات التواصل الاجتماعي تسمح له بالانخراط المبدئي ثم التعلم؛ لكي يصبح قادراً على فهم التواصل مع من حوله.
2. لا نحرمهم مواقع التواصل الاجتماعي، بل هي من المهارات أساساً:
لكن علينا أن نستغل هذه النقطة، وهي أن نجعله يستخدم مواقع التواصل الاجتماعي، ولكن بالمقابل كل يومٍ لديه محادثةٌ مع صديقه وجهاً لوجهٍ.
3. أن نعيد بناء وتد الثقة الذي انهار:
وندفعه لأن يعبر عما في داخله، ونحفظه للتواصل مع من حوله وتلقي الإشارات واللغات الجسدية والبصرية والكلام الملون بالأنغام التي تكون من أرقى وسائل التواصل الاجتماعي. نسلحه بترسانةٍ لكي نعزز ثقته بنفسه. نجعله يخوض نقاشاتٍ جماعيةٍ ضمن دورات إعادة تأهيلٍ مختصين في تعليم مهارات التواصل الاجتماعي، وعدم تركه مع وحدته وزاويته والشاشة.
4. اللجوء إلى الخبراء لتدريبه على لغة الجسد والتواصل البصري والتواصل غير اللفظي:
وذلك من خلال عرض عليه إشاراتٍ وإيماءاتٍ ونماذج أو مقاطع فيديو، وأن يُطلب منه أن يحلل معناها وأن يذكر أثرها على الكلمة الفلانية، وأن يذكر التغيير. مع الأيام سوف تكون لديه قدرةٌ على التفاعل مع مهارات التواصل غير اللفظية.
5. تنمية لديه قدرة التعبير عن مشاعره:
وذلك من خلال إشراكه في نادٍ يتفاعل مع أقرانه، يعبر عن مشاعره لكتابة الكلمات والنصوص ويقرأها على الملا، ثم يناقش بما كتب. مع الأيام سوف يصبح لديه قدرةٌ على التعبير والجرأة في التعبير واختيار الكلمات التي تطابق حروفها مفاصل مشاعره.
6. تنمية مهارة الاصغاء لديه:
وهي من مهارات التواصل الاجتماعي، ودائماً العلاج يكون عن طريق مجموعاتٍ يخضعون إلى برنامجٍ منظمٍ يعرضهم إلى أحاديثٍ وكلماتٍ وناسٍ يتكلمون بمواضيع، وعليهم أن يبدوا اللغة المعبرة عن الاصغاء بعد تدريبهم. عن الاستجابة لكل ما يأتي من حوله، ويطلب منهم الرد في حال وصول الرسالة أو لا؛ لأن الاصغاء يعتبر مهارةً من مهارات التواصل الاجتماعي الأكثر تعقيداً من الإرسال.
7. للأسف كان البيت والمدرسة والصف والشارع هي البيئة المثالية والمجانية التي تقدم له هذه المهارات على طبقٍ من ذهبٍ وتساعده في تكوين شخصيته:
لكن في حال وصوله إلى درجةٍ من درجات الانسحاب والانهزام الاجتماعي، نأتي به إلى مختصٍ يعلمه عن طريق جماعاتٍ من الأقران كيفية استخدام مهارات التواصل الاجتماعي بشكلٍ منظمٍ، وخاصةً تلك غير اللفظية: لغة الجسد والتواصل غير اللفظي. وذلك من خلال مجموعاتٍ تتفاعل مع بعضها: تمثيل الأدوار. يقوم أحدهم بالتواصل مع الجميع بلغة الجسد، ويطلب من كلٍ منهم ترجمة كل إشارةٍ. وأيضاً يُطلب من كل شخصٍ أن يعبر عما في داخله في كل وسائل التواصل الاجتماعي غير اللفظي: كالتواصل البصري والجسد. وكل هذا يتم من خلال مجموعاتٍ لتعليمهم بشكلٍ منظمٍ.
8. لا بد من إعطاء المراهق الأمان:
لكي يستطيع أن يتعلم مهارات التواصل الاجتماعي دون انتقادٍ أو سخريةٍ. أيضاً كالنشاطات التفاعلية بين المجموعات تحت إشراف مختصين، أو في المدرسة تحت إشراف المعلم، وتفعيل فقرة التعبير الشفوي التي ما يتم إهمالها.
9. أن نخفض المعايير التي نطلبها منه:
وذلك لنخفف من الضغط الذي يمارس عليه ذاتياً من تأنيب ضميرٍ وجلد الذات والخوف من الفشل؛ ليتخلص من التوتر الذي كان عائقاً في تعلمه وتواصله مع من حوله.
10. العلاج النفسي:
فإن كان فشله في الانخراط والتواصل وإتقان مهاراته بسبب مرضٍ نفسيٍ كالقلق الاجتماعي والتوتر أو الاكتئاب، نستعين بالمعالج النفسي ثم مختص مهارات التواصل، وليخضع لبرنامجٍ ومنهجٍ منظمٍ.
11. أن ننمي لدى الشخص ثقته بنفسه:
أن يتخلص من "الكلاليب" التي مزقت صحته النفسية وأمسكت بقراره للانخراط وجعلته يهرب كلما أُريد موقفٌ أو اجتماعٌ يتطلب التواصل مع الآخرين. أيضاً التأكيد على المعلومات التي يتلفظ بها، وانه من الطبيعي للإنسان أن يخطئ، وهذا ليس ذنبه، إنما أن يتحلى بالتفكير النقدي.
12. وأن نعزز شعور المراهق بقوته وذاته:
وأن مخرج حرفٍ من الحروف معطلٌ لديه، هذا لا يعني أن يعيش حياته منعزلاً عن الجماعات وإدارة الحديث والتعبير عن المشاعر والرغبات وإدارة النزاعات وإمارات الإقناع والكثير من المهارات التي سيخسرها المراهق في حال استمرار انسحابه الاجتماعي.
الخاتمة:
الحقيقة نادرٌ أن نجد شاباً أو فتاةً تترك طموحها وتعليمها ومدرستها لمجرد تعرضها لموقفٍ محرجٍ أو عرضها لتنمرٍ أو لديها عقدة نقصٍ أو ما شابه. بدأ الشاب لكن يواجهون الصعوبات. نرشدهم كيف يتعاملون معها. من لديهم مشاكل في مخارج الحروف، من عاش حياته في العزلة ولا يعرف كيف يتواصل مع العالم المحيط بشكلٍ فعالٍ. لكن لا يُنتظر أنه إنسانٌ مريضٌ إنما هو مراهقٌ يحتاج أن يتعلم. لكن حين يصل فيه الأمر أن يكون الموضوع عائقاً لحياته، وهنا نقول إنه فعلاً مريضٌ.

نحن نحترم سياسة الخصوصية لمستخدمي موقعنا الإلكتروني، لذلك لا ننشر أي معلومات حول أصحاب التعليقات مع أية أطراف خارجية، ولا نبيع معلومات زوارنا الكرام حفاظا على حقوقهم المدنية والخاصة إيماناً منا بمبدأ خصوصية المستخدمين أولويتنا الحفاظ عليها.