تدخين عند المراهق الاسباب والحلول
كيف أحمي ابني المراهق من التدخين؟ الشيطان الكيميائي
المشكلة، أسباب المشكلة، و الحل
المقدمة
تعتبر فترة المراهقة من الفترات المهمة في حياة الإنسان، الحافلة بالدوافع والأهداف والأحلام والإنجازات. هي محطة الانطلاق، ومنارة سنين ضوئية، تنير على بقية حياة الإنسان والمجتمع ككل. أهم فترة يعيشها الإنسان، وأجمل أحلامه، وأكثر فترة مفعمة بالطاقة والحيوية، محاطة بالشباب وروح النجاح وسرعة التطور وبداية الإلهام. قوة الدوافع والفضول لتعلم كل شيء والإصرار على بلوغ المستحيل، الذي يتشظى أمام طاقتهم، وتتحطم مفاهيم الحدود...
لكن الاستجابة غير الواعية لهذه الدوافع من الإصرار وفضول التجربة هي التي تقلب الطاولة، فطاقة المراهق كالقوة الهائلة للانشطار الذري، الذي إن تم توجيهه نحو قنوات تستوعب انفجاره وتحوله لمفاعل نووي ينير دولًا، لكنه إن لم يتم توجيه طاقته نحو المسار السليم تحول لدمار شامل له ولمن حوله، ويترك إشعاعًا يفسد الحياة لسنين وأوبئة اجتماعية صعبة التعافي. حين تغيب الرقابة، ويختفي التوجيه الإيجابي لدوافع المراهق الكثيرة ومن بينها الفضول لتجريب كل شيء جديد، وفضول تجربة الأشياء الجديدة تعني تجربة شيء لمرة واحدة، ومتى ما أشبع دافع الفضول لديه، تركه وتحول لغيره، لكن للأسف قوانين فضول التجربة تتلاشى مع دخان أول زفير للسيجارة، أول خطوة من خطوات الشيطان الكيميائي.
المشكلة
المشكلة هي أن التدخين مشكلة، والذي يزيد المشكلة تعقيداً هو أنه خطوة الألف ميل، هو خطوة التحديق في الهاوية، هو خطوة من خطوات (الشيطان الكيميائي)، من خطوة "خذ لك هذه السيجارة" من جرعة النيكوتين إلى حقنة الهيروين والكوكايين.
قال الله تعالى:
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
>﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ﴾
يعتبر التدخين من الأشياء السيئة والضارة بصحة الإنسان. فيأتي المراهق بدافع فضوله الجديد، بدل أن يذهب ليتعرف على نظريات جديدة، على أبحاث وعلوم ومهارات جديدة، بدل أن يتعلم مهارات أساسية في حياته، وأنواعًا من التفكير جديدة في حياته، يذهب إلى عادة السجائر وكأنها المدخل الأول لإطفاء فينطفي ويشتعل صدره.
كن منطقيًا، ربما سأفهمك. افترض وجود ميزان يسمى ميزان النشوة أو المشاعر. المشكلة أن التدخين لا يسبب هذا النوع من المشاعر الجيدة كالاسترخاء، الراحة النفسية، النشوة، أو الطاقة. إنما فقط شعور لا يمكن أن يصفه أحد عندما يجربه بشكل فعلي لأنه فعلاً لا يستحق الأضرار التي يتسبب بها أبدًا، فميزان خاسر. ليس المقصد من كلامي أن أشجع على أشياء تسبب النشوة والسعادة أكثر من التدخين، بل إني أقصد ما تقصده حروفي، بل ما أقصده أعمق بكثير مما تقصده الحروف، فالتدخين كبطاقة دعوة مجانية لحضور حفلة شيطان كيميائي ثم ينتهي بك المطاف أن تدفع ثمن البطاقة أضعافًا وأضعاف أضرار وسلبيات، لا تستحق نشوة إشباع الفضول، إلى هذه النقطة ويعتبر صفقة خاسرة وتضيف إلى أنه مفتاح بؤرة الشر. فالتدخين يشكل خطرًا أكثر من غيره من العادات السيئة كتعاطي المخدرات، لكن باقي المواد أكثر ضررًا. الخطورة التي يفوق بها التدخين باقي المواد هو أن الوصول إليه أسرع وأسهل وبتكلفة أقل، وأنه الخطوة التي لم يصل مدمن مخدرات إلى جرعته القاتلة إلا من طريق خطوته الأولى ألا وهي التدخين. تابع معي للنهاية لترى الصفقة الفاشلة التي يمارسها المراهق حين يتعلم التدخين، صحيح بأنه يشكل خطرًا على صحة الإنسان أقل من باقي المواد المخدرة والمنشطات الكيميائية، لكن هذا كان على دور آبائنا وأجدادنا حين تورطوا فيه وتوقفت الخيارات عندهم، إلا أن اليوم فهو المدخل إلى الكثير من عوالم الضياع والهلاك النفسية والصحية والاجتماعية.
هذه علاقات وتأثير بمؤثر وحاصل لمسبب تحتاج إلى وعي وإدراك عالي قائم على المنطق لكي ندرك بأن اليوم التدخين ليس مجرد سيجارة إنما هو شيطان كيميائي، إنما هو يتبع خطوات الشيطان، إنما هو في الماضي ليس كما هو في الآن.
فالتدخين من السهل الإقلاع عنه، لكن في حال لم يقلع عنه المراهق فمن الصعب أن يتوقف عنده عند هذه النقطة، تبدأ المسألة بالتعقيد والتشعب إلى زيادة الرصيد من الكلمات بل مقالات عديدة ستصلك الفكرة عندما تدرك بأن هناك نوعان من المدخنين:
- المدخن غير المستنشق (المقلد):
فترة من فترات التعرف على التدخين والرغبة في التقليد فقط والفضول، حيث أنه لا يدخل الدخان المنبثق من السجائر إلى رئتيه فلا يحصل على شعور المدخن الذي يجعله يرتبط به، أي أننا نقول عنه مقلد للمدخنين أو مدخن غير مدمن.
-المدخن المدمن (المستنشق):
للأسف هناك النوع المدمن بالتدخين، وهو الذي يستنشق دخان السجائر. هنا يدخل الدخان إلى الرئتين ويحصل المراهق على الأثر المرغوب بسبب التدخين.
الحالة الأولى سهلة التعامل ومن السهل معالجتها لكنها نقطة خطيرة جدًا دقيقة وحساسة.
أما الحالة الثانية فتحتاج إلى جهد كبير لمعالجتها، والمهمة الأصعب من معالجتها هي أن يتوقف المدخن عند هذه النقطة.
أما أضرار التدخين فهي كثيرة جدًا متشعبة وموزعة التأثير على مجالات الحياة كافة، فمن أضراره الصحية والأضرار النفسية والأضرار الاجتماعية والأضرار الاقتصادية والأثر السلبي الذي يتركه التدخين في نفس المراهق وأثره السلبي على حياته التعليمية والاجتماعية والأسرية وموضوع خصب وشائك ولكي نبتعد عن الشطط والتشعب نركز هنا بالتحديد على حماية المراهق من التدخين لأن الوقاية خير من العلاج ولأنه لكل مقام مقال.
أسباب المشكلة:
أو العوامل التي قد تدفع المراهق لهذه الخطوة
1-رغبة الفضول عند المراهق:
غالبًا ما تكون أشد وأكثر تطورًا وتعقيدًا مما كانت عليه في فترة الطفولة أي أنها لم تظهر لديه فجأة بل تحولت من حب الاستكشاف الفطري إلى رغبة في التجربة وعيش الشعور الذي يرافقها
2-القدوة السيئة:
وغالبًا ما يكون الأب، وأيضًا الأم والإخوة
3-مهارة التفكير النقدي حين يمارسها لغرض سلبي:
والده يخبره بأن التدخين مضر وهو يراه يدخن فالمنطق يرفض النصيحة هنا
4-التوفر:
عندما يجد علب السجائر في كل مكان، فما المانع من أن يلجأ إلى هذه العادة.
5-القوانين الخجولة التي تحد بيع علب السجائر للمراهقين:
ويسهل تجاوزها هذا إذا وجدت أساسًا
6- الأرباح التي تجنيها شركات التبغ من بيع السجائر
ستكتفي بكتابة عبارات تنوه وتحذر من مخاطر التدخين، حتى بعض السياسات التي تتبعها الدولة في الحد من انتشار علب السجائر يكون غرضها ربحي باطنًا وذلك من خلال رفع سعر علب السجائر بذريعة إقلاع الناس عن هذه العادة
7-الأفكار المغلوطة التي تربط مفهوم الرجولة والقوة لتدخين السجائر وتختص بها وسائل الإعلام والأفلام والمسلسلات التي تظهر فيها بأنها تشرب التبغ بشاربين يقف عليهما الصقر حين يدخن يصبح رجلاً.
8-رفاق السوء:
بوجود أحد رفاق المراهق يدخن السجائر ستكون الفرصة أكبر لأن يتعلم منه التدخين
9-وفرة المال كمصروف شخصي للمراهق:
أيضًا سيجعل فرصته في تعلم التدخين أكثر
10-افتقار المراهق لمهارة الذكاء العاطفي:
فسيجد بأن التدخين أسهل عليه من انتقاء المفاهيم التي تعبر عن مشاعره في رغبته لأن يكون رجلاً قويًا وشخصية متينة
11-الضغط النفسي الذي يتعرض له المراهق:
فيرجع إلى التدخين من خلال اعتقاده بأنه سيخفف له من التوتر والضغط ولا يعرف بأن هذا التخفيف مؤقت ومع الأيام سيزول التأثير الإيجابي للتدخين وتظهر الآثار الرجعية للقلق بشكل أشد وأقوى فيصبح يمارس عادة التدخين فقط ليكون إنسانًا طبيعيًا كما كان عليه قبل أن يتعلم التدخين
12-نقص الوعي لدى المراهق بمخاطر التدخين ويعود ذلك إلى عدم توجيه النصائح والتوعية والتحذير من أخطار التدخين في المدرسة أو الأسرة
كيف أحمي ابني المراهق من التدخين؟
1-بالنصيحة والتوعية:
باستخدام مفاهيم تناسب عقل المراهق. تحدث له عن الأضرار التي يسببها التدخين: أضراره الجسدية، أضراره النفسية، وأضراره الاجتماعية...
2-نجعل النصيحة مغلفة بغلاف عاطفي يجعلها أكثر تأثيرًا في المراهق:
كأن نخبره بأن الجنس اللطيف لا يحب الشاب الذي يدخن ولا يحب رائحة السجائر
3-حاول استغلال كونك قدوة سيئة في أن تكون قدوة حسنة:
فإن لم تكن قادرًا على الإقلاع عن التدخين دائمًا تجنب التدخين أمامه وترك فرصة له أن يلاحظ هروبك من أنظار الناس حين تدخن السجائر لكي يشعر بأن هذه الظاهرة منبوذة اجتماعيًا، أو اشكِ دائمًا من أعراض وأمراض صحية بسبب ممارستك عادة التدخين أمامهم وتظاهر من معاناتك منها كالسعال وتعمد القراءة التحذيرية من أخطار المكتوبة على علب السجائر
4-حد من انتشار علب السجائر في المنزل وتوفرها في متناول يديه:
وذلك لكي لا تستغل أفكاره فضوله في تجربته
5-وقت الفراغ من نصيب الشيطان:
ملء وقت الفراغ هو الذي يجعل فضول المراهق مشبع.
فحاول أن تملأ فراغه في الكثير من النشاطات والهوايات والأشياء التي يحبها وتلبي فضوله وذلك تكون قد مارست لعبة ناجحة في تحويل ميول الفضول من عادات سيئة مضرة إلى مفيدة
6-قم ببناء جسر من الثقة والحوار المتبادل الفعال:
وذلك لكي يترك لك مساحة في داخله تطلع على أفكاره وعلى رغباته حتى وإن عبر لك عن رغبته في أن يجرب التدخين تستطيع أن تتعامل مع الموضوع بأكثر فعالية ودقة من أن يمارس هذه العادة في الخفاء دون علمك ولن تعرف إلا في مراحل متأخرة
7-راقب مصروفه والأشياء التي يصرف عليها أمواله:
ولا تجعلها متاحة بشكل مفرط يترك له فرصة مادية في شراء علب السجائر
8-قم بشرح له الخطط الربحية الخبيثة التي تمارسها شركات التبغ:
وأن توفير التبغ للعامه ليس لأن التدخين غير مضر بل لأن الأرباح طغت على القوانين وعلى حماية المراهق من المواد الضارة
9-السياسات الربحية التي تقوم عليها الدول: فقد يكون دورها سلبي وغير فعال
10-تجنب العنف والصرامة في منعه عن التدخين:
لأن ذلك سوف يخلق لديه شعور بالتحدي وفضول أقوى لتجربة التدخين فكما نعلم كل شيء ممنوع مرغوب
11-التوعية المدرسية فالمعلم يأتي بعد الأسرة في تأثيره على المراهق فاتفق مع المعلم على مراقبة سلوكه وعلى التنويه إلى مخاطر التدخين بشكل مستمر
12-وزارة التربية والتعليم تمنع منعًا باتًا المعلمين من التدخين في المدرسة:
لذلك قم بالإبلاغ عن أي حالة تخطي لهذه القوانين في حال علمت بأن معلم ابنك المراهق يدخن أمام التلاميذ
الخاتمة
يجب على الأب أن يعي تمامًا بأن كونه مدخنًا لا يجعل من موقفه أقل حدة اتجاه ابنه المراهق في حال حاول اللجوء إلى هذه العادة وذلك لأن الظروف التي أحاطت بك ليست نفسها التي تحيط بابنك المراهق تذكر بأنه شيطان كيميائي يتبع خطوات الشيطان ليوصله إلى عالم مليء بالمخدرات والإدمان على السلوكيات الخاطئة ونقول دائمًا بأننا لا نريد أن نحبط من اكتشف أن ابنه المراهق تورط في التدخين لكن يجب أن ننوه بأن وقايته من التدخين أسهل بكثير من علاجه بعد أن يتورط به بل والأصعب من ذلك هو أن تجعله يتوقف عند هذا الحد.

نحن نحترم سياسة الخصوصية لمستخدمي موقعنا الإلكتروني، لذلك لا ننشر أي معلومات حول أصحاب التعليقات مع أية أطراف خارجية، ولا نبيع معلومات زوارنا الكرام حفاظا على حقوقهم المدنية والخاصة إيماناً منا بمبدأ خصوصية المستخدمين أولويتنا الحفاظ عليها.