📁 آخر الأخبار

تحمل المسؤولية عند المراهقين

 مهارة تحمل المسؤولية عند المراهق



-المشكلة

-أسباب المشكلة

-واستراتيجيات حل المشكلة


المقدمة


أمسكت بقطعة إلكترونية أتفحصها، وكان هناك شاب يتراوح عمره ما بين 13 إلى 14 سنة، والواضح أنه لم يعتد الجلوس في المتجر أو أنه لوالده. قلت بشكل تلقائي وأنا أركز على القطعة: 


"مكفولة؟" 

فأجابني الشاب: 

"نعم، مكفولة"

. فسألته بشكل يخضع لسياق الكلام المعتاد لدي، والذي عادةً ما أبوح به وتركيزي على غيره، فسألته: 

"على مسؤوليتك؟" 

فلم يجب على سؤالي. أنا لم أقصد عدم الإجابة، إنما لفت انتباهي صمته مع لمحه بهامش بصري بعفوية، مستغربًا ردة فعله حين وقف من على كرسيه ووجهه محمراً. تملكتني هنا الريبة وسألته: "ما بك؟ ألست صاحب المتجر؟" فقاطع كلامي مجيء والده فقال: "نعم، على مسؤوليتنا، وأي خلل بها يعود إلينا، فما المشكلة؟ تفضل." قلت: "لا شيء" ومضيت...

 فإذا بالرجل يلف يده على كتفي لحول عنقي مباغتةً، فسألني: "بالله عليك، ماذا قال لك حين سألته على مسؤوليتك؟" 


قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من باب التأكيد على أهمية تحمل المسؤولية: ...


 "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته". 


إن المسؤولية هي أن تكون مسؤولًا عن كل الأعمال والواجبات والأداء وجودته بعد أن يتم تكليفك بها، وأن تكون مسؤولًا عن نتائج هذه المهام التي تقوم بها بعد أن يتم توكيلك بأدائها. أن تؤدي الشيء، أنك مسؤول ليس فقط عن الأداء بل مسؤول عن نتائج الأداء. هذا المفهوم كثيرًا ما نسمعه في حياتنا اليومية، مثلًا: "هل على مسؤوليتك؟"، "أنت مسؤول عن ذلك"، "تتحمل مسؤولية أعمالك". ومن هنا ظهر مفهوم ما يعرف بـ "الرجل المسؤول" الذي اعتدنا عليه أن يكون رتبة عالية، لقبه هذا منطلقًا من وظيفته في أداء خدمات من نوع ما في المجتمع، فارتبطت لدينا كلمة "المسؤول" بالوظائف ذات الرتب الرفيعة في مجتمعاتنا.


حين يتم خطبة فتاة وتظهر بوادر نجاح المشروع، يقول أهل الفتاة: "نحن نقدم لكم فتاة لا تجيد قلي بيضة واحدة." أنا أتمنى من رجل ذهب إلى أهل الفتاة التي هي زوجته الآن ولم يقولوا له هذه العبارة. هي محاولة من الأهل بإخلاء مسؤوليتهم عن ابنتهم في المستقبل في حال بدر منها تقصير في بعض واجباتها المنزلية. هنا الأم تكون قد علمتها كل وظائف المنزل والواجبات من طبخ وتكنيس ورعاية وحياكة ودورة تمريض ودورة كذا ..

، لكن في النهاية هي تخاف من تحمل المسؤولية.،فما المشكلة؟ غالبًا هو يجيد قلي البيضة. سأخبركم ما هي المشكلة.


المشكلة


حين يدخل الإنسان الفترة التي تهيمن على عمره من سن 12 تقريبًا إلى سن 18، وما نسميها فترة المراهقة، تزامنًا مع دخوله إلى سوق المهارات، فيجد أمامه الكثير من الأشياء الجديدة والمعلومات والمهارات والأداءات والواجبات التي سوف يؤديها ويتعلمها، سيرتكز على شخصية في شبابه قام بتكوينها من خلال مروره بهذا السوق بفترة المراهقة وما اكتسبه منها وتعلمه ونجح فيه، حيث يكون شغوفًا، حالمًا، طموحًا، بعينين متلألئة بالأمل وحب الحياة.

 لحظاتها كنز للإنسان في هذه المرحلة التي سيرتكز عليها، سيبني ثقته بنفسه ويحدد هويته الشخصية ووجوده بملامح تميزه عن غيره. 


تخيل معي معلم ليس لديه حس بالمسؤولية أو لا يجيد تحمل المسؤولية، وأمامه 40 تلميذًا مسؤولًا هو عن مستقبلهم وتعليمهم، وهو جالس يتصفح في جهازه الجوال وينتظره التلاميذ ليبنيهم ليواجهوا الحياة وصعوباتها. لا أحد يراقبه هنا ويجيد هو تحمل مسؤوليتهم وتعليمهم، لكن ليس لديه حس بالمسؤولية فلا يؤدي واجبه إلا إذا كان مراقبًا، أما إن غفلت عنه العين تجرد من كل مسؤولياته. لكن من لم يتعلم مهارة تحمل المسؤولية لن ينجح في أي عمل في حياته بسبب عدم تعلمه تحمل المسؤولية.


حين سيغدو مسؤولًا عن أسرة، عن زوجة وأطفال، عن خدمة في المجتمع، عن مجال، عن طبقة، وربما عن مجمع كبير من الناس ولا يجيد تحمل المسؤولية، لذلك نقول إنها مشكلة. 

طبيب لا يجيد تحمل المسؤولية، مهندس ليس لديه حس بالمسؤولية أو رقابة داخلية. وكل هذا يعود إلى فشل في تعليمه تحمل المسؤولية وتدريبه على ذلك في فترة مراهقته، التي أكثر ما يؤثر في سماته ومهاراته وقدراته هي المعارف والمهارات التي اكتسبها في هذه الفترة.


أسباب المشكلة


1- لا تدلله بشكل مفرط، ولا تحمه بشكل زائد عن اللزوم:


 ما حاجته لفعل أشياء تفعلها عنه؟ لماذا سيفكر بنتائج العمل الذي سيقوم به، بنتائج أدائه إن كان هناك من يفعل عنه كل شيء، حتى أنه يفكر عنه؟ من نظرة عفوية من الأهل تجعلهم يقدمون كل شيء لابنهم على طبق من ذهب وبحسن نية وهم يضرونه. فالدلال الزائد يخلق شبابًا اعتادوا على أن يُفعل لهم ما يريدون، فكيف لهذا المراهق أن يكون رب أسرة مسؤول عنها؟ أن يكون مسؤولًا عن عمل ما؟ إن كان كل شيء ينجز عنه، يصبح الصباح عليه فلا يجد لأي مشكلة أثرًا في حياته، فهناك من حلها له، هناك من قرر عنه، وهناك من فكر عنه. فهذا الأسلوب التربوي يفسد الجيل ويخلق شعوبًا متواكلة اعتادت على أن تأتيهم الأشياء إليهم بدل أن يأتوا إليها. فهو أسلوب تربوي خاطئ ينتج عنه شاب ليس لديه حس بالمسؤولية ولا يجيد تحملها. والصراحة أن السبب هو حبكم الزائد الذي ترجمتموه على شكل اهتمام مفرط ودلال وغنج وحماية من كل شيء، لكنكم بالحقيقة تحرمونه من الحياة على حقيقتها.


2- عدم خضوعه للحكم والمساءلة:


 إن كان يهمل واجباته ولا عقاب على ذلك، إن كان يجني درجات متدنية فلا مساءلة على ذلك، لن يسأله أحد على نتائج أي شيء يفعله، فهذا المراهق كيف سيعرف لهذه الأمور والمهام قيمة؟ فأنت حين تقطف وردة من البستان ولا ترى حارس الحديقة يطاردك ستشعر بأنها وردة رخيصة حتى عطرها سوف يتغير، لكن حين وقف في وجهك وقال لك "أنت مسؤول عن خطأك"، هنا فقط شعرت بقيمة الوردة، شعرت بقيمة واجباتك وأدائك ودرجاتك وأعمالك وسلوكياتك واتخاذ قراراتك وكل شيء في حياتك تؤديه سيكون هناك مساءلة على النتائج. ومن هذا المنطلق واسع الحدود نقول بأن على المراهق أن يُسأل عن نتائج أدائه أكانت سلبية أم إيجابية.


3- القدوة غير المسؤولة:


 فإن كان يستيقظ المراهق في الصباح على صوت والدته وهي تؤنب والده لأنه لم يأت لهم بمستلزمات البيت، وهو يلاحظ والده جالسًا بكل استهتار يشرب السجائر ويحتسي الشاي، حين يجدهم يتهربون من أخطائهم ولا يقبلون الحكم على نتائج أدائهم، لا بأس إلى حد هنا، لكن يقول الأب لابنه المراهق "يا بني عليك أن تتحمل المسؤولية، عليك أن تحضر الخضار كل يوم إلى البيت وأنجز واجباتك"، وكأن الأب أخلى مسؤوليته، لكنه ما زال مسؤولًا. فأحب أن أخبرك أن المراهق يتعلم بالملاحظة المباشرة لا بالتلقين، فهو لا يتعلم من كلماتك بل يتعلم من خطواتك التي تهرب بها من مسؤولياتك، فسيصبح نسخة سيئة منك ولن يتعلم مهارة تحمل المسؤولية.


4- أتح له الفرصة:

 افتح له أبواب الواقع لكي يخوض الحياة بشكل حقيقي، لكي يقوم بأعمال هو مسؤول عن نتائجها، ليخوض الحياة بتجاربها، ليقرر ويكون مسؤولًا عن قراراته، مهام بسيطة أوكلها له وحمله مسؤولية أداء هذه المهام بل ومسؤولًا عن النتائج أيضًا، فإن حرمته من هذا الميدان الحقيقي لتعلم المهارات فإنه سيغدو شابًا متواكلًا لا يحمل مسؤولية نفسه.


5- كلما زاد عن حده انقلب ضده: 

اذهب لتصحب أختك من المدرسة إلى المنزل، ثم أحضر الأغراض من المتجر، وتواصل مع عامل الصحة ليصلح لنا صنبور الماء، حفظ أختك درس القراءة، اكتب واجباتك بشكل جيد، هيئ نفسك لزيارة عائلية... ضع في ذهنك بأنك غير طبيب لن نجعلك تدرس. ..

هذا الضغط لا يولد انفجارًا، هذا الضغط يولد انسحابًا تدريجيًا بطيئًا، يولد عزوفه عن خوض التجارب وإنجاز المهام التي أتعبته وخاصه منها التي تكون إعلى من مستواه


6- المنهج الدراسي الببغائي: 

من المعروف بأن المنهج الدراسي يقوم على التلقين وعلى التحفيظ، وكأن التلاميذ أشرطة تسجيل فقط يسجلون في ذاكرتهم ما يسمعون، ويفتقر المنهج إلى برامج الأنشطة الجماعية ونظام المجموعات وترشيح أن يكون هناك مسؤول عن كل مجموعة وأدائها من خلال مسابقات لطيفة، هذه أفضل شيء ممكن أن يتعلمه الإنسان في حياته اليومية.


7- الخوف من وحش الفشل أو اعتياده كصديق فكاهي: 

(من مذكرات سوزان) من حقك أن تخطئ.

، لكن حين يجد المراهق عقابًا شديدًا على كل خطأ يقترفه، على كل أداء يقصر به، على كل عمل يفشل فيه، هذا ينمي فيه نفورًا لا شعوريًا من الأداء والعمل لتجنب مشاعر الفشل المؤلمة التي يتبعها العقاب. سيحصل عنده ارتباط شرطي بين الأداء والفشل ،و العقاب والتوبيخ فيتجنب الفشل مما يؤدي به إلى حرمانه من إمساك قبضة الباب على الواقع، يجعل منه شخصًا دائم التهرب من أداء الأعمال وتحمل مسؤولياتها. 


أيضًا كثرة الفشل وغياب الرقابة والمساءلة يعتاد المراهق عليه على أنه أمر طبيعي وبشكل ساخر يضحك ويأخذ الأمور بشكل هزلي، كأن يفتخر بأنه الوحيد الذي أخذ علامة الصفر في الامتحان أو سلم الورقة بيضاء. فعدم الأخذ بالحسبان نتائج المهام والواجبات والأداء يجعله شخصًا عديم المسؤولية.


8- تعتبر الأسرة هي الخلية الأولى لصناعة الإنسان: 

فلذلك من المهم جدًا أن يكون هناك جسر متينًا من الثقة والنقاش والحوار بين المراهق وبين أهله والسماح له بالتعبير عن مشاعره ومخاوفه يجعله يتشجع للقيام بأعمال ما والمشاركة فيها وأن يكون مسؤولًا عما يقوم به، فهنا أول يد للمساعدة تمتد له هي يد أبيه وأمه، لكن هذه البيئة منسوفة لكن لم يمد يدهما. فمثلًا إن كان هدف سامر أن يقدم مشروعًا عمليًا للمدرسة ثم يفشل، والفشل عند المراهق له ندبة عميقة في قلبه فيتجنب أي شيء من الممكن أن يسبب له ذلك مما يعيق تعلمه تحمل المسؤولية.


9- عدم إيمان الأهل بقدرات المراهق: 

يعتبرها المراهق خيانة عظمى من أهله وعدم احترام قدراته ومهاراته وذلك حين يوكلون له مهمات يعتبرها سخيفة بالنسبة له ولمستواه الحقيقي وينظرون دائمًا عليه "هذا خاطئ وهذا ليس من المفروض أن يكون هكذا وما زلت صغيرًا" وما إلى ذلك، في النهاية يخلق لدى المراهق شعورًا بالنفور من تعليماتهم والتعلم منهم.


10- ضعف ثقة المراهق بنفسه: 


دائمًا ما يجد نفسه أقل شأنًا من أن ينجز المهام الموكلة له، فمثلًا لو قال الأب لابنه المراهق "سامر انقل لي محتوى هذه الورقة على المحمول بنوع خط محدد واضح وخلفية متباينة واحفظه في مجلد معين"، حين يشاهد المراهق المحتوى الورقي لهذا التقرير والأرقام الإحصائية يشعر بالتوتر والقلق وذلك ناتجًا عن عدم ثقته بنفسه وأنه لن ينجز هذا العمل بشكل صحيح فيتجنب تنفيذ هذه الأوامر ويتهرب منها مما يعيق لديه تعلم تحمل المسؤولية.


11- البيئة المجتمعية السامة ورفاق اللامبالاة:


 تؤثر البيئة السلبية من حيث عدم إعطاء مهارة تحمل المسؤولية أهمية، ويؤثر على تعلم المراهق لهذه القيمة، وأيضًا رفاقه الذي يقضي معظم الوقت معهم وهم يتسكعون في الشوارع فمن المؤكد لن يتعلم منهم كيف يتحمل المسؤولية.


12- عدم منح المراهق استقلاليته:

 فحين لا يتوفر أول شرط لتحمل المسؤولية وهو الاستقلالية فإنه يكون مكبلًا بتعليمات أبيه وأمه والأسرة كاملة فلن يكون مطلوبًا منه أن يفعل شيئًا هو لا يقرر ولا يخضع للمساءلة على نتائج أدائه لأنه كان يقوم بكل شيء متقيدًا بتعليماتهم لا بمهاراته فبالتالي النجاح بفضلهم وإذا فشل يصمتون وكأن شيئًا لم يحدث، فهنا يحدث تهميش تام لشخصية المراهق الذي يؤدي به في نهاية المطاف إلى عدم تعلم تحمل المسؤولية.


13- عدم المساواة بين الأبناء:


 هذا أكثر ما يؤلم المراهق حين يكلف الأهل أحد أفراد الأسرة أو كل منهم بمهمة وينحوه جانبًا على أنه ليس أهلًا بتحمل مسؤولية هذه الواجبات، فهنا يشعر بالنفور وعدم وجود مكانة له في أسرته وأنه غير مرغوب بالأسرة وهناك عنصرية وتمييز وربما وجدوه في الشارع وهو ليس ابنهم وقد تبنوه... إلخ، فينتج عن ذلك عدم تعلمه تحمل المسؤولية.


14- الأمراض النفسية والجسدية والعاهات الدائمة:

 فالمصاب بالاكتئاب كل تركيزه كيف يتخلص من الشعور المزعج الذي ينتابه دائمًا دون سبب، والمصاب بالرهاب الاجتماعي وربما انتقادًا واحدًا وتحميله مسؤولية شيء صغير قد يدمره نفسيًا فيلجأ إلى الانسحاب الاجتماعي والعزلة وذلك تجنبًا للتعرض لهذه المواقف المؤلمة.


15- أيضًا مزاجية الحوافز وعدم انتظامها وفقدان الواعظ الديني...


16- المسؤولية الرقمية: 

فيستخدم مواقع التواصل الاجتماعي بشكل مفرط ويعتاد عليه كبديل لحياته الواقعية، وحين يدخل الواقع ويتخذ قرارًا خاطئًا أو يقوم بأداء سيئ أو معلومة خاطئة ويخضع للمساءلة يقوم بإسقاط اللوم على المواقع الإلكترونية أنها مصدر خاطئ للمعلومات وأنه أخطأ حين اعتمد عليها.



استراتيجيات مقترحة لحل المشكلة


1- منح الاستقلالية للمراهق منذ صغره: 


تداخل العاطفة مع العقل قد يعيق توفر هذا العامل، لأن على الأهل أن يعلموا أطفالهم الاستقلالية منذ الصغر وأن يقوموا بواجبات ومهام موكلة لهم بسيطة ضمن قدراتهم، يدخل الطفل سن المراهقة ولديه حس بالمسؤولية وتحملها وهذا لا يعني أننا نتركه يواجه الصعوبات لوحده إنما نعده إعدادًا جيدًا لمواجهة الحياة، فمثلًا حين يعتاد الطفل على الاعتناء بترتيب غرفته من خلال توكيل هذه المهمة له منذ صغره فعندما يصبح مراهقًا ينمو معه شعور تحمل المسؤولية تجاه أمور أكبر كجلب حاجات المنزل من السوق وتدريس اخوته الصغار


2- تعليم المراهق بالقدوة الحسنة تحمل المسؤولية من خلال الملاحظة المباشرة لا التلقين: 

فأكثر ما يمكن أن يعلم المراهق قيمة تحمل المسؤولية هي القدوة الحسنة، كأن يكون الأب أو الأم أو الأخ الأكبر أو المعلم، وذلك حين يشاهدهم يقومون بأعمالهم ويكونون مسؤولين عن أداء واجباتهم بشكل تام سوف يتعلم منهم هذا السلوك.


3- بناء جسر الحوار بين المراهق وأفراد أسرته:


 الحوار وليس التلقين أو إملاء التعليمات فقط، أي أن نعطيه ونأخذ منه نسمع كلامه ونترك له فرصة ليعبر عن أفكاره وعن رغباته ومشاعره بكل اهتمام وإصغاء، فهنا عندما يشعر بأن كلماته لها أهمية يبدأ حس تحمل المسؤولية لديه بالنمو ويصبح أكثر قابلية للنجاح في أداء واجباته وأن يكون مسؤولًا عن نتائج أفعاله.


4- الحد من المسؤولية الرقمية:

 وتعليمه الاعتماد على نفسه وذلك من خلال عدم الأخذ بآرائه حين لايذكر المراجع وتكون من مصدر إلكتروني بل تشجيعه على أن يتعلم كيف يكون مسؤولًا من خلال الواقع والحياة.


5- بين الخوف المفرط من الفشل واعتياده كأمر عادي هزلي: 

فإن كان المراهق يخاف من تحمل المسؤولية فيتجنب التكلف بواجبات معينة لخوفه من الفشل وما يرافقه من آلام نفسية فنشجعه على تخطي هذه العقبة، وبنفس الوقت إن كان لا يعطي للفشل أي اهتمام ويعتبره شيئًا عاديًا لا يستحق حسن الأداء نواجهه بمسؤوليات نتائج أدائه ونلقي اللوم عليه ونتعامل معه بشكل جدي حتى يعتبر للفشل مكانة.


6- رسم حدود وقوانين ثابتة للثواب والعقاب دون الخضوع للمزاجية: 


حيث يدرك المراهق بأنه إذا قام بأداء واجبه على أكمل وجه هناك مكافأة وإذا قصر نتائج التقصير يتحمل مسؤوليتها هو دون مزاجية، أي أن إذا كان الأب في مزاج جيد قد يكافئه وإن كان في مزاج سيئ يتجاهل أداء ونجاح واجباته. ومن هنا نكون استثمرنا جانبي العقاب والثواب بموضوعية لتنمية حس المسؤولية لدى المراهق.


7- للأنشطة الجماعية الأسرية دور فعال: 


حيث حين يتم تكليفه بدور يسهم في إنجاز مهمة جماعية في الأسرة، مثلًا كان يقوم بغسل الخضار ويرى كل فرد من أفراد أسرته حتى الأب والأم كل منهم يقوم بالواجب الذي كلف به لإنجاز مهمة إعداد وجبة الغداء هذا ينمي لديه حس الشعور بالمسؤولية ولن يفرط بحق أداء واجبه على أكمل وجه أمام كل هؤلاء الأفراد الذين سينجزون مهامهم ويكتمل العمل الجماعي أيضًا بإكماله للمهمة الجزئية من هذا العمل، هنا شعوره بالمساءلة يدفعه إلى الشعور بالمسؤولية فإن تأخر في تقطيع الخضار فأعين الأسرة كلها تتجه نحوه وتحمله مسؤولية تقصيره في إعداد وجبة الغداء.


8- تفعيل دور الواعظ الديني والجانب الأخلاقي والإنساني: 


فهو بذلك يكون لديه رقابة داخلية ومساءلة ذاتية عن أفعاله وعن واجباته تجاه الآخرين وتجاه نفسه وتحميل نفسه المسؤولية في حال تقصيره.


9- يحتاج المراهق لبيئة حاضنة داعمة متفهمة لأهمية تعليمه تحمل المسؤولية:


 دون الانتقاد السلبي الهدام أو التهاون مع سوء أدائه ونتائج سلوكه، فمثلًا حين يفشل المراهق في إنجاز مهمة موكلة إليه كإنشاء موضوع تعبير يستوفي العناصر المطلوبة وحصوله على درجة متدنية لا ننظر إليه نظرة ازدراء إنما نحتويه ونساعده على تخطي الفشل ليصل إلى النجاح، لكن إن كان يستهين بالفشل ويأخذه كأمر عادي بشكل هزلي ننظر إلى فشله نظرة جدية ونحمله مسؤولية فشله وأنه وصل إلى درجة عالية من السوء يجب أن يحسن من نفسه وهو مسؤول عن فشله هذا.


10- الأنشطة اللاصفية الجماعية: 


تجعل للمهمة الموكلة إليه رهبة بالنسبة له وأهمية، فحين ينخرط في أنشطة لا صفية جماعية ضمن فرق ويتم تكليفه بأداء قسم من هذه المهمة التي سيكون نجاحه في أدائها له أثر إيجابي على جميع الفريق وأيضًا فشله سيعود على الفريق كله هذا ينمي شعوره بالمسؤولية وأهمية أدائه بشكل ناجح لمهمته.


11- عدم القبول بوسيلة الإسقاط: 


التي يلجأ إليها حين فشله وذلك من حيث عدم الأخذ بآرائه التي يسقط أسباب الفشله على غيره وحصرها به هو نفسه وهو المسؤول عن فشله ولا علاقة للأشخاص التي يسقط عليهم فشلهم أو المعلومات المغلوطة التي حصل عليها من مواقع التواصل الاجتماعي وأدت لفشله، هنا يشعر بعدم الجدوى من وسائل التهرب هذه فيلجأ إلى الأداء بشكل متقن وجيد مما ينمي لديه تحمل مسؤولية تصرفاته.


12- تجنب اللا جدوى في الأداء: 


وذلك من خلال تحديد أهداف واضحة للمهمة التي يتكلف بها هذا يخلق لديه دافع ومغزى وهنا ستنمو قيمة تحمل المسؤولية لديه.


13- تعليمه قيمة العمل الذي يقوم به: 

ومكانة العمل في المجتمع وأهميته وتنمية مسؤوليته المجتمعية.


14- تشجيعه على تخطي العقبات التي يواجهها:


 كالأمراض النفسية والتجارب السابقة الفاشلة ومد يد العون له لانتشاله من ساحة الانسحاب إلى الانخراط ومساعدته على التخلص من كلاليب الماضي وألمه والنظر للمستقبل.

الخاتمة


تنمية حس المسؤولية لدى المراهق وتعليمه مهارة تحمل المسؤولية هناك فارق جوهري ومهم ولا يفضل أحدهما عن الآخر، فالحس بالمسؤولية ينبع من داخل المراهق دون وجود رقابة أو مساءلة خارجية إنما يخضع لمساءلة داخلية أخلاقية ودينية. وتعلم مهارة تحمل المسؤولية تكون بدافع أداء واجباته المسؤول عنها لخدمة نفسه أو لخدمة طبقة من الناس ينشأ جيل قادر على الاهتمام بواجباته والنظر إليها بجدية وأدائها على أكمل وجه بوجود رقابة أو عدم وجود، فتذكر أن دائمًا الدلال الزائد لطفلك ليس حبًا له إنما سوء إعداد له لمواجهة صعوبات الحياة. اعذرني على قسوة خاتمتي لكن تذكر بيوم من الأيام ستنطفي عينيك قبل عينه لتتركه لوحده يواجه كل ما كنت تحميه منه فعلمه على أن لا ينهار في أول لحظة تغيب عنه ولا تجعله يتفاجأ بوحشةهذا العالم وقسوته من بعدك بل سلحه بكل ما يلزمه لأن يكمل حياته بكل قوة وصمود.

pedagogy7
pedagogy7
معلم مجاز في التربية وعلم النفس بالأضافة إلى دبلوم تأهيل تربوي من جامعة حلب. العمل الحالي قي مجال التربية في ميونخ
تعليقات